إحداث أثر كبير على الحكومة والمواطنين: منهجيات التدقيق ومجموعة العمل حول قيمة وفائدة الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة

السيد ديفيد روغيليو كولميناريس برامو المدقق العام في الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في المكسيك

من أجل مواجهة تحديات وضع استراتيجيات جديدة للحوكمة العامة، لا بدّ من العمل بكفاءة وكسب ثقة المواطن. لذلك فإنّه لا غنى عن الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة لضمان شفافيّة الحكومة ومساءلتها، مما يساعد على الحفاظ على الانضباط المالي، ومكافحة الفساد والإفلات من العقاب.

ومن الضروري وجود منهجية ملائمة للتدقيق لتحقيق هذا الغرض، فهي تتيح تحسين الثقة والشفافيّة في تقييم الاستخدام السليم للموارد العامة وكشف المخالفات. كما أنّها تساهم في منع الممارسات الاحتيالية والفساد، مما يجعل من الممكن ضمان الاستخدام النزيه للأموال العامة. علاوةً على ذلك، تتيح توصياتها تحسين السياسات والبرامج الحكومية إلى أقصى حد، مما يؤثر في الخدمات العامة التي يجري تنفيذها على النحو الأمثل عن طريق تحسين الخدمات؛ ممّا يعزّز ثقة المواطنين في المؤسسات الحكومية.

لتحقيق ذلك، تؤدي مبادئ التدقيق المالي (المعيار الدولي للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة رقم 200)، ومبادئ التدقيق في الأداء (المعيار الدولي للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة رقم 300)، ومبادئ التدقيق في الامتثال (المعيار الدولي للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة رقم 400) ومنهجياتها دوراً مهماً في تحقيق هذه الأهداف. وتتيح عمليات التدقيق المالي تقييم مدى مطابقة البيانات المالية وضمان الامتثال التنظيمي. وتعد عمليات التدقيق هذه ضرورية لبلوغ دقة البيانات المالية، وتعزيز الثقة في الإدارة المالية، وضمان الحصول على معلومات دقيقة وشفّافة عن استخدام الموارد العامة والامتثال التنظيمي.

من ناحية أخرى، تسعى عمليات مراجعة الامتثال إلى تعزيز الشفافيّة والسلوك الأخلاقي، ومنع الاحتيال والفساد، وتعزيز الإدماج والامتثال للمعايير. وتضفي عمليات التدقيق هذه قيمة إلى شفافيّة المواطنين من خلال ضمان استيفاء القواعد واللوائح. كما تشجع عمليات التدقيق السلوك الأخلاقي الذي يفيد المواطنين عبر تمكينهم من مساءلة المسؤولين الحكوميين وتحسين آليات المساءلة من خلال الشفافيّة في الحكومات.

وأخيراً، يمكننا التشديد على أنّ عمليات التدقيق في الأداء تسمح بتحسين الأداء الحكومي، من خلال تعزيز المساءلة وتحسين تقديم الخدمات. ويمكن بذلك تركيز اهتمام الحكومة على المجالات القابلة للتحسين، مما يساعد على وضع توصيات بنّاءة للجهات الخاضعة للتدقيق لتحسين أدائها وكفاءتها. ويتيح ذلك تحقيق الاستخدام الفعال للموارد العامة، ومعالجة الجوانب الأساسية للمجتمع في المجالين الاجتماعي والاقتصادي، لأنّه يتيح تحليل كيفية خدمة الفئات الضعيفة في القرارات والسياسات الحكومية.

سعت المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية العامة والمحاسبة (الإنتوساي) إلى الدفاع عن قيمة الأجهزة العليا للرقابة المالية وفائدتها لجميع الجوانب الإيجابية التي تمثلها للمواطنين وقيمتها التي لا جدال فيها للحوكمة الرشيدة. لذلك اتُّفِق في الإنكوساي الرابع عشر الذي عُقِدَ في عام 2007 في مدينة مكسيكو، على إنشاء مجموعة العمل حول قيمة وفائدة الأجهزة بهدف وضع إطار وأدوات قياس لتحديد قيمة الأجهزة العليا للرقابة المالية وفائدتها. وفي وقت لاحق، خلال الإنكوساي العشرين، استكملت المجموعة مرحلة عملها الأولى التي قضت بتحديد إطار للتواصل وترويج قيمة الأجهزة العليا للرقابة المالية وفائدتها. ويحدد الإطار قيمة الأجهزة العليا للرقابة المالية وفائدتها من منظورين: أولاً، الاعتراف بها كمؤسسات تحدث فرقاً في حياة المواطنين، وثانياً، الاعتراف بها كمنظمات نموذجية مستقلة.

وتم وضع المعيار الدولي للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة رقم 12 (ISSAI – P 12) الذي صادق عليه الإنكوساي الثالث عشر في الصين في عام 2013، والمعروف سابقاً باسم ISSAI 12، على أساس التوقعات الأساسية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة التي تحدث فرقاً في حياة المواطنين. ويعتمد المدى الذي يمكن أن يحدث فيه الجهاز فرقاً في حياة المواطنين على الجهاز نفسه: تعزيز المساءلة، وشفافيّة الحكومة وجهات القطاع العام ونزاهتها؛ وإظهار الأهمية المستمرة للبرلمان والمواطنين وأصحاب المصلحة الآخرين؛ وأن يكون منظمة نموذجية بالقدوة.

ومن خلال مجموعة العمل حول قيمة وفائدة الأجهزة، نعمل على إنهاء المشاريع المختلفة التي يتم تطويرها، أي تحديث الوثيقة التي تعمِّم قيمة الأجهزة العليا للرقابة المالية وفائدتها وتروّجها: دليل للإنتوساي، وورقة حول إطار تقييم المخاطر للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة لإدخال البرامج ذات الصلة بأهداف التنمية المستدامة في خطط التدقيق السنوية الخاصة بها، من بين أمور أخرى. لذلك سنكافح ونسعى إلى تحقيق أهداف هذا الفريق انطلاقاً من الأمانة التي تترأس الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في المكسيك.

ونود أن نثني على القيادة التي أظهرها الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في الولايات المتحدة الأمريكية في المجلة الدولية للرقابة المالية العامة. لذا نرى أنّه من المفيد جداً أن يركز هذا العدد منها على منهجيات التدقيق وقيمة الأجهزة العليا للرقابة المالية وفائدتها. ولا شك لدينا في أن محتوى هذا العدد سيساهم في تحقيق هذا الهدف وأحدث ما تمّ التوصل إليه في هذا المجال. تهانينا!

Sources
Back To Top