من إعداد: كيم مبشيك، نائب المدير، وجيون هيونغ تشول، مدير الشعبة الثالثة للتدقيق في الشؤون البرية والبحرية، مجلس التدقيق والتفتيش
المقدمة
يُعنى التدقيق في أداء البرامج البيئية الحكومية بالمجالات الثلاثة وهي الاقتصاد والكفاءة والفعاليّة، على غرار معظم عمليات تدقيق الأداء. بيد أنَّه من الصعب جداً وضع مؤشرات أداء واختيار منهجية مناسبة لتحليل نتائج اﻷداء من أجل التدقيق في مختلف البرامج البيئية.
في هذه الورقة، يجري تقديم حالة تدقيق الأداء لسياسة بيئية أجراه مجلس التدقيق والتفتيش، وهو الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في كوريا، لتبادل الطرق المستصوبة للنُهُج المنهجية لتدقيق الأداء مع الإنتوساي.
الخلفية
بلغت ميزانية الحكومة الكورية المخصَّصة لإدارة الغبار الناعم، والمعروفة باسم الجسيمات بقطر 2.5 ميكرومتر (PM2.5) 491.7 مليار وون كوري (حوالي 491.7 مليون دولار أمريكي) في عام 2016. ولكن في عام 2019، ارتفعت الميزانية بشكل كبير إلى 2.17 تريليون وون كوري (حوالي 2.17 مليار دولار أمريكي). غير أنَّه لا يزال هناك قلق بشأن فعاليّة البرامج الحكومية التي تعالج الغبار الناعم في جميع أنحاء البلاد، بل إنَّ البعض أشار إلى أنَّه لا يجري تحليل فعاليّة التدابير المفصَّلة للبرنامج علمياً وبدرجة كافية.
تصميم التدقيق ونهجه
في كوريا، تضع الحكومة المركزية خطة إدارة شاملة للغبار الناعم استناداً إلى نتائج الأبحاث المتعلّقة بحالة التلوث الحالية بالغبار الناعم في الهواء المحيط. بعد ذلك، تضع الحكومات المحلية خططها الخاصة لتنفيذ خطة الحكومة المركزية في مناطقها، وتنفّذ الميزانيات المخصّصة وفقاً لذلك، وتقدِّم تقارير عن نتائج تنفيذها بانتظام إلى الحكومة المركزية، وخصوصاً وزارة البيئة.
ويتم وضع خطة الحكومة المركزية على النحو التالي: تقوم الحكومة المركزية (1) بتحليل الوضع الراهن لتركيز الغبار الناعم في الهواء المحيط، وتقييم نسبة مساهمة كل مصدر من مصادر انبعاثات ملوثات الهواء إلى التركيز ؛ (2) تحديد هدف مستوى تركيز الغبار الناعم وكمية التخفيض من إجمالي ملوثات الهواء اللازمة لتحقيق هدف تركيز الغبار الناعم في السنة المستهدفة؛ وأخيراً (3) تحديد خطط تنفيذ لتقليل كميات الانبعاثات لكل مصدر ملوث لتلبية الكمية الإجمالية المطلوبة من ملوثات الهواء.
لذلك بهدف الإشراف على تنفيذ الحكومة لخطّتها للغبار الناعم، من الضروري أن يكون مدققو مجلس التدقيق والتفتيش قادرين على فحص مصادر التلوث علمياً وإجراء فحص منهجي للتحقُّق مما إذا كانت خطط التنفيذ تتمتّع بالكفاءة والفعاليّة. وتحقيقاً لهذه الغاية، تناول مدققو المجلس هذه المسألة بالطرق التالية.
أولاً، اتّبع المدققون نهجاً خطياً، فاستعرضوا عملية دورة السياسة بأكملها خطوةً بخطوة من التصميم والتنفيذ إلى تقييم الأداء، لمعرفة كيفية تنفيذ كل خطوة مع تقدم الوقت. ويمكن أيضاً تفسير هذا النهج على أنّه تحليل عامودي، بمعنى أنَّه يحلِّل خطط التنفيذ لجميع الأطراف، من أعلى المستويات إلى مستوى العمل، وكيف نُفِّذَت الخطط وجرى فحصها.
ولإنجاح هذا النهج، يقوم مدققو المجلس بما يلي: (أ) إجراء فحص علمي لدقّة الأدلّة المستخدمة في وضع الخطة الشاملة لوزارة البيئة، بالتعاون الوثيق مع فرقاء الخبراء، بما في ذلك الجمعيات الأكاديمية؛ (ب) تقييم التنفيذ الفعليّ لخطة كل مستوى من خلال مقابلات مع الموظفين العموميين المسؤولين عن تنفيذ الخطط؛ (ج) تحديد المشكلات والصعوبات في الخطط من خلال تبادل الآراء مع الموظفين العموميين؛ (د) إجراء مسح لمعرفة مدى وعي المواطنين بقضايا إدارة الغبار الناعم، وعقد ورش عمل مع المنظمات غير الحكومية لفهم كيفية تفكير المجتمع في السياسات العامة لإدارة الغبار الناعم، ومن ثمَّ استخدام النتائج لتحديد التركيز الرئيسي لهذا التدقيق.
ثانياً، اتّبع المدققون نهج تحليل النقاط. وكان من المقرَّر تحديد الصعوبات، إن وجدت، في عملية التنفيذ، ودراسة فعاليّة كل سياسة من سياسات الغبار الناعم، وإيجاد حلول للتحسين. ويمكن تفسير هذا النهج أيضاً على أنَّه تحليل أفقي، بمعنى أنَّه ينبغي لجميع أصحاب المصلحة المعنيين بسياسات الغبار الناعم أن يجتمعوا لإبداء آرائهم بشأن تنفيذ السياسات الحكومية وتقاسم أداء السياسات.
ولإنجاح هذا النهج، يقوم مدققو المجلس بما يلي: (أ) إجراء استطلاع للرأي بين الموظفين العموميين في الحكومة المركزية والحكومات المحلية بشأن الصعوبات الهيكلية في تنفيذ كل سياسة والسبل الممكنة لتحسينها؛ (ب) عقد ورش عمل مع الموظفين العموميين للاستماع إلى الصعوبات الهيكلية في تنفيذ سياسات الغبار الناعم والحلول الممكنة؛ (ج) تنظيم ورشتي عمل، إحداهما مع مؤسسات أعمال لديها مرافق لانبعاث ملوثات الهواء والأخرى متخصّصة في البناء البيئي، لتحديد المشكلات المتعلّقة بسياسات وزارة البيئة التي وجدوها في الموقع، والاستماع إليهم في ما إذا كان من الممكن التغلُّب على هذه المشكلات باستخدام التكنولوجيا المتاحة حالياً. واستناداً إلى نتائج هذه الجهود، جرى تحديد النقاط الرئيسية التي يجب التحقُّق منها في عملية التدقيق هذه.
ومن أجل إعداد استبيان لتدقيق الأداء باستخدام هذين النهجين، قام مدققو المجلس بتحليل التقدم المحرز في دورة السياسة، من التصميم إلى التنفيذ، لتحديد المخاطر المحتملة لكل مرحلة من مراحل دورة السياسة. وجرى إعداد الاستبيان من أجل: (أ) ضمان دقّة البيانات الأساسية المستخدمة في السياسات العامة لإدارة الغبار الناعم وحسن توقيتها؛ (ب) دراسة موثوقية الآثار المتوقعة للخطط الحكومية؛ (ج) النظر في أساس تقييم الأداء المستخدم في تنفيذ الخطط والتحقُّق ممّا إذا كانت قد وُضِعَت أي خطط تكميلية لتحسين العيوب أو المشكلات التي تشوب خطط التنفيذ.
نتائج التدقيق وتوصياته
بنتيجة التدقيق في سياسات الحكومة لإدارة الغبار الناعم وفق المقاربتين المذكورتين أعلاه، تبيّن أنَّه لا يزال من الصعب على المواطنين العاديين الشعور بفعاليّة السياسات الحكومية في الحد من تركيز الغبار الناعم في الهواء، لأنَّه حتى لو أنفقت الحكومة مبلغاً هائلاً من الميزانية للسيطرة على الوضع الداخلي، تبقى هناك قيود، حيث أن 50٪ من الغبار الناعم يأتي من الخارج.
وقد تبيّن في هذا التدقيق أنَّ وزارة البيئة قد طبّقت بيانات صحيحة عن كميات الانبعاثات من مصادر الملوثات في وضع خططها للحدِّ من الغبار الناعم. وقد كان دقيقاً على غرار حالات البلدان الأخرى. ومع ذلك، كانت هناك بعض العيوب في أجزاء معيّنة من خطط الحكومة. فعلى سبيل المثال، حُذِفَت بعض مصادر الملوثات، وجرى التقليل من أهمية بعض الكميات المستهدفة من الانبعاثات بسبب عدم دقّة بيانات المصدر؛ ونُفِّذَت بعض خطط التنفيذ كل على حدة دون التحقُّق من فعاليّة الخطة؛ وبات من الصعب توقُّع فعاليّة بعض خطط التنفيذ بسبب الافتقار إلى إدارة مناسبة للمتابعة. وترد تفاصيل هذه المشكلات في الجدول 2.
الدروس المستفادة والخلاصة
عند التدقيق في أداء البرامج البيئية الحكومية، من المفيد والسليم استخدام النهج الخطي ونهج تحليل النقاط على السواء. ويمكِّن النهج الخطي المدققين من تحليل كل مرحلة من مراحل دورة السياسة العامة، في حين يتيح تحليل النقاط تحليل فعاليّة كل برنامج من برامج التنفيذ وكفاءته.
وعند استخدام هذه الأساليب في التدقيق، من المهم أن نضع في اعتبارنا أنّه يجب أن يكون لدى المدققين معرفة كاملة بموضوعات تدقيق معيّنة، وإشراك خبراء خارجيين بشكل مباشر وغير مباشر في عملية التدقيق، وتحديد المشكلات القائمة على التحليل العلمي لوضع حلول بديلة.