تعزيز المساءلة من خلال عمليات التدقيق: الدروس المستفادة من التعاون بين الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة ومنظمات المجتمع المدني

من إعداد كلير شوتن، شراكة الموازنة الدولية

أطلقت شراكة الموازنة الدولية مبادرة المساءلة في التدقيق من أجل جمع الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة ومنظمات المجتمع المدني لتعزيز استجابة الحكومة لتوصيات التدقيق من خلال زيادة فعالية التواصل والمشاركة. وفي الأرجنتين وغانا ونيبال وسيراليون وتنزانيا، قامت الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة والجهات الفاعلة في المجتمع المدني بتنسيق الجهود الرامية إلى ضمان اتخاذ إجراءات تصحيحية من جانب الحكومات استجابةً للنتائج والتوصيات الواردة في تقارير التدقيق الواردة من الأجهزة.

وأطلقت مبادرة الموازنة الدولية هذه المبادرة بعدما كشفت بيانات مسح الموازنة المفتوح عن شلل في نظم الرقابة التي كثيراً ما تمنع الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة من تحقيق أهدافها الشاملة المتمثلة في حماية المصلحة العامة عن طريق تحسين إدارة الأموال العامة. وتُحجَب تقارير التدقيق عن الجمهور، وتُعقد جلسات الاستماع بشأن نتائج التدقيق خلف أبواب مغلقة، ولا يتم اتخاذ إجراءات بشأن النتائج. وفي حين أنَّ استقلالية الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة أمر بالغ الأهمية، فإنَّ فعاليتها تعتمد في نهاية المطاف على الترابط مع الجهات الفاعلة الأخرى في نظام المساءلة الشامل.

ويدرك الشركاء في هذه المبادرة هذا الترابط. وجرى اختيار البلدان المشاركة منذ أعوام عدّة على أساس وجود أجهزة عليا للرقابة المالية والمحاسبة ومنظمات مجتمع مدني عاملة بشكل جيد ومستقلة تمتلك الخبرة اللازمة للتعامل مع المسائل التي تثيرها عمليات التدقيق التي تجريها الأجهزة. وقد تعلّمنا من تجارب بعضنا البعض واستخلصنا دروساً أوسع نطاقاً في ما يتعلق بالعمل الجماعي على عمليات التدقيق من أجل تعزيز استجابة الحكومة ومساءلتها.

الشراكة لمعالجة القضايا ذات الاهتمام العام 

في البلدان الخمسة جميعها، اختارت الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة ومنظمات المجتمع المدني مجموعة من المسائل الحسّاسة التي أشارت إليها تقارير التدقيق الرسمية الصادرة عن الأجهزة التي كان فيها الإجراء الحكومي متأخّراً:

  • في الأرجنتين، ركّز كل من المدقّق العام للأمة والجمعية المدنية للمساواة والعدالة على الأداء الضعيف للبرامج الحكومية بالنسبة إلى الوقاية والتشخيص والعلاج لنحو 1.5 مليون شخص تأثّروا بمرض شاغاس – وهو أحد الأمراض الطفيلية الاستوائية.
  • في غانا، تطرَّق جهاز التدقيق ومؤسسة تنمية المشاريع الاجتماعية إلى تحدّيات المساءلة والتنسيق في البرنامج الوطني للتغذية المدرسية الذي يغطّي 2.6 مليون تلميذ.
  • في نيبال، انخرط مكتب المدقق العام ومنتدى الحرية في شراكة لتعزيز إدارة صناديق التنمية المحلية التي تدعم مشاريع البنية التحتية، مثل أشغال الطرق وإمدادات المياه والصرف الصحي.

مشروع إنشاء البنية التحتية للجان المستخدمين في نيبال

Users committees in Nepal

المصدر: شراكة الموازنة الدولية

  • في سيراليون، نسّق جهاز التدقيق وشبكة مناصرة الموازنة جهودهما لضمان توفير مرافق مناسبة للمياه والصرف الصحي والنظافة في المدارس في جميع أنحاء البلاد.
  • في تنزانيا، شارك ائتلاف من منظمات المجتمع المدني بقيادة معهد واجيبو مع المكتب الوطني للتدقيق في الضغط من أجل تأهيل البنية التحتية المدرسية المتهالكة التي تركت 4 ملايين طفل بلا فصول دراسية مناسبة.

البنية التحتية للمدارس في تنزانيا: ديفيد إرنست سيليندي ، نائب الوزير في مكتب الرئيس ، الإدارة الإقليمية والحكومة المحلية ، ملتزم ببناء الفصول الدراسية وبيوت المعلمين والمراحيض

• School infrastructure in Tanzania - David Ernest Silinde, Deputy Minister in President's office, Regional Administration and Local Government committing to constructing classes, teachers houses and latrines

المصدر: International Budget Partnership، 93.7 TBC DODOMA

الدروس من المبادرة

تحقق عمليات التعاون هذه نتائج واعدة وتفضي إلى دروس هامة يمكن أن تُفيد كيف يمكن للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة ومنظمات المجتمع المدني أن تقيم شراكات أكثر إنتاجية. ويمكن استخلاص درسين مستفادين من هذا العمل هما:

  1. تمنع نظم وعمليات الرقابة الحالية في كثير من البلدان الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة من أن تكون جهات تأييد فعّالة لاستنتاجاتها وتوصياتها الخاصة بالتدقيق. وقد يكون للأجهزة أثر أكبر إذا اعتمدت نهجاً استراتيجياً لتعزيز المشاركة مع الجهات التشريعية والتنفيذية والمجتمعات المتأثرة ووسائل الإعلام، فضلاً عن الجهات الفاعلة الأخرى التي تدعم المساءلة على نطاق أوسع. ويمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تؤدي أدواراً هامة في توسيع نطاق توصيات الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة وطلب المساءلة. وفي نهاية المطاف، سيساعد الجمع بين المشاركات والعمليات الاستراتيجية الأجهزة في أن تصبح أكثر فعالية في دعم المساءلة وتعزيز المصلحة العامة.
  2. يمكن لمنظمات المجتمع المدني مساعدة الأجهزة على أن تكون أكثر فعالية بأربع طرق مترابطة على الأقل. أولاً، يمكنها استكمال تقارير التدقيق من خلال تسليط الضوء على معلومات وأدلة جديدة لإقناع أصحاب المصلحة بإجراء الإصلاحات. ثانياً، وبما أنّ منظمات المجتمع المدني ليست مسؤولة عن وضع جداول زمنية رسمية للرقابة، فإنّها تستطيع أن تشرك مباشرةً مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة في الحكومة في المسائل المثارة في عمليات التدقيق. ثالثاً، يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تحشد دعماً أساسياً وأن تمارس ضغوطاً من المستوى الأدنى إلى المستوى الأعلى على الحكومات للتطرق إلى توصيات التدقيق. وأخيراً، يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تستفيد من الفرص المتاحة لوسائل الإعلام لاسترعاء الانتباه إلى نتائج التدقيق وتوصياته، بما في ذلك عبر تنظيم فعاليات تدريبية بالاشتراك مع الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتعميم الرسائل الرئيسية على جمهور أوسع.

ركّزت مبادرة الموازنة الدولية على نموذج محدد جداً لمشاركة المجتمع المدني بالنسبة إلى تنفيذ توصيات التدقيق؛ غير أنّه من الواضح من الأمثلة الأخيرة أنَّ منظمات المجتمع المدني قادرة على دعم جهود الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة للمطالبة بالمساءلة بطرق أخرى عديدة. وعندما تعرّضت استقلالية الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة في بلدان مثل قبرص وغانا وميانمار وسيراليون للتهديد من جانب مسؤولين تنفيذيين أقوياء، سارعت جهات فاعلة من غير الدولة، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، إلى الدفاع عن الأجهزة. وبوسع منظمات المجتمع المدني أيضاً أن تساعد في توجيه انتباه الأجهزة إلى المجالات التي تثير الاهتمام العام. فعلى سبيل المثال، في جنوب إفريقيا، أثنى الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة الوطني على نتائج عمليات التدقيق الاجتماعية في خدمات المياه والصرف الصحي التي أجرتها منظمات المجتمع المدني المحلية في البلدات لأنها تساعد الجهاز على إعطاء الأولوية للقضايا التي تستحق مزيداً من التحقيق في إطار برنامج التدقيق. وفي الفلبين، تشرك تقنيات التدقيق التشاركية الخاصة بالجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة مباشرة منظمات المجتمع المدني المتخصصة في عمليات التدقيق في البرامج الحكومية. وبدورها، تستفيد منظمات المجتمع المدني أيضاً من التعاون مع مؤسسات الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، حيث غالباً ما تتمتّع الأجهزة بخبرة تقنية، وبشرعية، ويمكنها الوصول إلى المعلومات الحكومية التي قد تفتقر إليها منظمات المجتمع المدني.

ويمكن للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة أن تعزّز مشاركة المجتمع المدني من خلال اختبار نماذج مختلفة من التعاون مع منظمات المجتمع المدني. وثمة فرصة متاحة لمجتمع الجهاز، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني وغيرها من الجهات الفاعلة المحلية والدولية، لتعزيز أثر المساءلة والتدقيق:

  • على الصعيد القُطري، يمكن للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة التعاون مع منظمات المجتمع المدني (أو شبكات منظمات المجتمع المدني) طوال دورة التدقيق – بدءاً من وضع خطة عمل للتدقيق، ووصولاً إلى إجراء عمليات تدقيق وتعميمها، ومتابعة توصيات التدقيق.
  • على الصعيد الدولي، يمكن للتعلم عبر البلدان والنتائج المستمدة من العمل على الصعيد القُطري تعزيز الجهود القائمة لتوجيه مشاركة الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة مع المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم. ويمكن أيضاً للجهات الفاعلة والشبكات الوطنية أن تتبادل الأفكار والخبرات من بلدانها من خلال النقاشات الميسّرة.

ويمكننا إتاحة وصول الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة حول العالم إلى موارد المعرفة وأدواتها للمساهمة في توحيد النماذج الناشئة لمشاركة المجتمع المدني. على سبيل المثال، من خلال مسح الموازنة المفتوح، لدينا ممارسات جيدة للمشاركة المدنية طوال عملية التدقيق.

ويمكننا معاً أن نستفيد من مهارات واختصاصات الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة ومنظمات المجتمع المدني، وأن نحفّز الشراكات القوية، ونعزِّز في نهاية المطاف الرقابة والمساءلة وأثر التدقيق.

Back To Top