جرى تسليط الضوء على أهمية الأخلاقيات في البرامج الحكومية في العديد من عمليات التدقيق الخاصة بالمكتب الوطني الأسترالي للتدقيق، لاسيما تلك التي تدرس إدارة المشتريات والمنح. ويشكل الافتقار إلى الوثائق والسجلات الكافية لدعم مبررات القرارات التي تتخذها الجهات الخاضعة للتدقيق والإجراءات التي تعتمدها موضوعاً ثابتاً.
وحدّد المدقق العام معالي السيد/ غرنت ههير في تقريره نصف السنوي الطريقة التي ينظر بها المكتب الوطني الأسترالي للتدقيق إلى الأخلاقيات كمجال للتحسين، وأشار إلى ضرورة وضع إطار ومنهجية لتقييم الاستخدام الأخلاقي للموارد العامة، بالإضافة إلى النظر في الامتثال الفني للقواعد وأطر السياسات.
إطار لأخلاقيات التدقيق
تشاور المكتب الوطني الأسترالي للتدقيق مع هيئة الخدمة العامة الأسترالية ووزارة المالية لوضع إطار لأخلاقيات التدقيق استناداً إلى المتطلبات الأخلاقية الحالية للقطاع الحكومي الأسترالي.
ويحدد المكتب الإطار الأخلاقي لقطاع الحكومة الأسترالية على النحو التالي:
- الإطار القانوني المطبق على الجهة الخاضعة للتدقيق. ويشمل الإطار القانوني المطبق على جميع وكالات الخدمة العامة الأسترالية قانون المالية والقانون الذي يُعنى بتشغيل هذه الوكالات، بما في ذلك قيمها ومدونة قواعد السلوك الخاصة بها.
- الأطر الخاصة بالأنشطة (أي الأطر الرئيسية لإدارة موارد القطاع العام لأنشطة محددة للحكومة الأسترالية مثل القواعد والمبادئ التوجيهية للكومنولث للمنح وقواعد الكومنولث للمشتريات).
- أوامر السياسة الحكومية، وهي أوامر صادرة عن وزير المالية بموجب قانون المالية تحدد سياسة الحكومة الأسترالية التي تنطبق على الجهة قيد التدقيق.
- الأطر الخاصة بالجهة، والتي قد تشمل، على سبيل المثال، سياسات الجهة ومبادئها التوجيهية وإجراءاتها.
ويعتمد اختيار العناصر المناسبة للإطار الأخلاقي لتطبيقها على عملية تدقيق على نوع الجهة الخاضعة للتدقيق، ونوع التدقيق وأي ظروف فريدة للنشاط الذي يتم التدقيق فيه.
ووضع البرلمان الأسترالي متطلبات في قانون الحوكمة العامة والأداء والمساءلة لعام 2013، بما في ذلك مطالبة الكومنولث والجهات التابعة له باستخدام الموارد العامة وإدارتها بشكل صحيح (القسم 5). ويقع على عاتق السلطة الخاضعة للمساءلة لجهة مسؤولة عن الأموال ذات الصلة، عملاً بالمادة 15 من القانون المذكور، واجب يقضي بتعزيز الاستخدام السليم للأموال التي تكون السلطة الخاضعة للمساءلة مسؤولة عنها. ويعني “السليم”، عندما يتعلق الأمر باستخدام الموارد العامة أو إدارتها، الكفاءة والفعالية والاستخدام الاقتصادي والأخلاقي (القسم 8). ويقوم المكتب الوطني الأسترالي للتدقيق بتقييم جميع جوانب الاستخدام السليم للموارد، علماً بأن الفعالية هي أكثر هذه الأهداف شيوعاً.
ويعرِّف مسرد قانون الحوكمة العامة والأداء والمساءلة لوزارة المالية مصطلح “الأخلاقي” على النحو التالي:
- مدى اتساق الاستخدام المقترح للموارد العامة مع المعتقدات والقيم الأساسية للمجتمع. وحيث يتصرف شخص بطريقة أخلاقية، يمكن توقُّع أن يقوم شخص في وضع مماثل باتخاذ مسار عمل مماثل. وللموافقة على الالتزامات المقترحة للأموال ذات الصلة، ينطوي الاستخدام الأخلاقي للموارد على إدارة تضارب المصالح، والموافقة على الالتزام على أساس الوقائع دون التأثر بالتحيُّز الشخصي. ويجب أن تكون الاعتبارات الأخلاقية متوازنة مع ما إذا كان الاستخدام سيكون أيضاً كفؤاً وفعالاً واقتصادياً.
وحدَّد البرلمان الأسترالي أيضاً، من خلال قانون الخدمة العامة لعام 1999، قيم الخدمة العامة الأسترالية الواردة في القسم 10. وينص القسم الفرعي 10(2) على ما يلي: “تظهر الخدمة العامة الأسترالية القيادة، وهي جديرة بالثقة، وتعمل بنزاهة، في كل ما تفعله”. وأصدر مفوض الخدمة العامة الأسترالية توجيهات بموجب قانون الخدمة العامة، بما في ذلك الفقرة الفرعية 16(و)، تتطلب مساءلة أعضاء الخدمة العامة الأسترالية من خلال “القدرة على الإثبات بوضوح أنَّه قد جرى استخدام الموارد بكفاءة وفعالية وبصورة اقتصادية وأخلاقية”. وترد مدونة قواعد سلوك إلزامية في القسم 13 من قانون الخدمة العامة لموظفي الخدمة العامة الأسترالية.
ولدى إجراء عمليات تدقيق في أداء الجهات، يحصل المكتب الوطني الأسترالي للتدقيق على أدلّة تفيد في تقييم ما إذا كانت الجهة الخاضعة للتدقيق تنفِّذ أنشطتها وفقاً لشرط تعزيز الاستخدام السليم للأموال العامة. ويمكن التوصل إلى نتائج بشأن ما إذا كان استخدام أو إدارة الأموال العامة يتَّسم بالكفاءة والفعالية ويتم بصورة اقتصادية وأخلاقية. وعند تشكيل استنتاج عام في التدقيق في الأداء، قد يشكّل المكتب الوطني الأسترالي للتدقيق أيضاً وجهة نظر حول ما إذا كان قد جرى تنفيذ أنشطة الجهة وفقاً لكل من إطار القواعد والقصد من هذا الإطار، بما في ذلك متطلبات قانون الخدمة العامة للخدمة العامة الأسترالية (الجهة) للتصرف بنزاهة في كل ما تقوم به.
وحيث يتم التوصل إلى نتائج أو استنتاج حول ما إذا كان استخدام الجهة أو إدارتها للموارد العامة أخلاقياً، تقع على عاتق سلطة خاضعة للمساءلة مسألة تقييم ما إذا كانت نتائج التدقيق في الحالة المعينة تعكس الموقف الأوسع للجهة أو تتعلق بسلوك كل من موظفي الخدمة العامة الأسترالية على حدة.
وتوجّه متطلبات قانون الحوكمة العامة والأداء والمساءلة، بما في ذلك المتطلبات الأخلاقية، مباشرة أطر إدارة موارد القطاع العام الرئيسية لأنشطة محددة للحكومة الأسترالية يتم التطرق إليها من خلال عمليات التدقيق في الأداء. وتحتوي هذه الأطر على متطلبات أخلاقية محدَّدة للنشاط الذي تنظِّمُهُ. ومن الأمثلة على هذه الأطر قواعد الكومنولث للمشتريات والقواعد والمبادئ التوجيهية للكومنولث للمنح. وقد تخضع جهات الكومنولث أيضاً لأمر واحد أو أكثر من أوامر السياسة الحكومية، وهي أوامر صادرة عن وزير المالية بموجب قانون المالية تحدِّد سياسة الحكومة الأسترالية التي تنطبق على الجهة قيد التدقيق. وأخيراً، يجوز للمكتب الوطني الأسترالي للتدقيق أيضاً التدقيق وفقاً للأطر المحدَّدة للجهة الخاضعة للتدقيق، مثل السياسات والمبادئ التوجيهية والإجراءات التي تحدِّد المتطلبات الأخلاقية.
منهجية للتدقيق على أساس الإطار
في حين أنَّ منهجيات التدقيق الداخلية المتعلقة بالأخلاقيات وثقافة الجهات موثَّقة توثيقاً جيداً، داخل أستراليا وخارجها على السواء، فإنَّ هذه المنهجيات المتعلقة بعمليات التدقيق المستقلة للأخلاقيات في جهات القطاع العام غير متاحة بسهولة. وتشاور المكتب الوطني الأسترالي للتدقيق مع معهد المدققين الداخليين في أستراليا للمساعدة في وضع توجيهات عملية بشأن التدقيق استناداً إلى الإطار الأخلاقي لقطاع الحكومة الأسترالية.
وهناك ثلاثة سيناريوهات مدرجة في المنهجية يمكن بموجبها أن تشمل عمليات التدقيق في الأداء مراعاة الأخلاقيات: التدقيق في فعالية الأطر الأخلاقية، والتدقيق في تطبيق معايير أخلاقية محدَّدة، والتدقيق الذي يشمل مراعاة الأخلاقيات في النتائج.
ويقضي هدف مراجعة فعالية الأطر الأخلاقية بدراسة فعالية إنشاء أو تنفيذ الإطار الأخلاقي لقطاع الحكومة الأسترالية من جانب الجهة أو الجهات الخاضعة للتدقيق. ويشمل هذا النوع من التدقيق جوانب من عمليات التدقيق في فعالية أطر الحوكمة والامتثال للأطر الأخلاقية وثقافة المنظمة.
أما عمليات التدقيق التي تتضمن معايير أخلاقية محدَّدة فتتَّسم بتركيز أضيق وتنظر في مسائل محدَّدة مثل الامتثال للمتطلبات الأخلاقية كأحد المعايير المعتمدة في التدقيق في الأداء، وتنظر كذلك في الفعالية أو الكفاءة أو الاستخدام الاقتصادي. على سبيل المثال، يمكن أيضاً، في عملية تدقيق تنظر في فعالية عملية مشتريات، مراعاة أخلاقيات صنع القرار في تولي الإدارة العامة، وتقديم المشورة والنظر فيها، والأدلة وإدارة تضارب المصالح والاستقامة. وسيخلص هذا النوع من التدقيق إلى ما إذا كانت عملية المشتريات أخلاقية وفعالة واقتصادية.
وفي عمليات التدقيق التي تشمل مراعاة الأخلاقيات في النتائج، ما من معايير محدَّدة في ما يتعلق بالأخلاقيات، ولكن أثناء عملية التدقيق، عند إجراء النتائج المتعلقة بالفعالية أو الكفاءة أو الاستخدام الاقتصادي، يُنظَر في ما إذا كانت تلك النتائج تشير أيضاً إلى سلوك غير أخلاقي.
وتوفر المنهجية أيضاً إطاراً لتطبيق منهجية الأخلاقيات على أي تدقيق في الأداء أو تدقيق مالي طوال المراحل النموذجية للتدقيق، أي تقييم مخاطر المسائل الأخلاقية المتعلقة بالتدقيق والاستجابة لها، وتقييم ما إذا كانت النتائج ذات طابع أخلاقي، وتقييم الجانب المادي للنتائج الأخلاقية، وتأثير النتائج الأخلاقية على استراتيجية التدقيق الشاملة وتقييم المخاطر، والإبلاغ عن النتائج الأخلاقية، وتأثير النتائج الأخلاقية على خلاصة التدقيق.
وبعد إجراء مزيد من المشاورات، سواء على نطاق واسع داخل المكتب الوطني الأسترالي للتدقيق، أو خارجياً مع أولئك الذين تمت استشارتهم من قبل، وكذلك مع مكتب المدقق العام في نيوزيلندا، تمَّ إنجاز إطار المكتب الوطني الأسترالي للتدقيق ومنهجيته لتقييم الاستخدام الأخلاقي للموارد العامة في نوفمبر / تشرين الثاني 2022.
عمليات التدقيق الأخيرة مع الاعتبارات الأخلاقية
في الوقت الذي يجري فيه وضع منهجية الأخلاقيات، واصل المكتب الوطني الأسترالي للتدقيق تقييم جميع جوانب الاستخدام السليم للموارد. وفي بعض عمليات التدقيق التي تم فيها تحديد حالات عدم الامتثال لمتطلبات السلوك الأخلاقي الرئيسية، أدرج المكتب ملحقاً لتقرير التدقيق يلخِّص هذه المتطلبات الرئيسية والنتائج التي تمَّ التوصُّل إليها. والمثال الأول على هذا التدقيق هو مشتريات وكالة التحول الرقمي للخدمات المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بما في ذلك الملحق 3 بعنوان متطلبات السلوك الأخلاقي. وفي عملية التدقيق هذه، خلص المكتب إلى أنَّ الجهة لم تقم بالمشتريات على نحو فعال في ما يتعلق بالمشتريات التي جرى فحصها، وأن نهجها لم يفِ بالمتطلبات الأخلاقية. وشملت النتائج عدم تحديد تضارب المصالح وإدارته من جانب الموظفين المشاركين في عمليات المشتريات، وعدم تعامل الجهة مع الموردين المحتملين بإنصاف، وقبول مسؤول كبير في الجهة هدية من أحد الموردين.
وفي الآونة الأخيرة، تبيّن أنَّ تدقيق إدارة إدارة الصحة ورعاية المسنين لبرنامج الصحة المجتمعية والمستشفيات غير فعّال ولم يفِ بالمتطلبات الأخلاقية. وفي هذا التدقيق، وجد المكتب الوطني الاسترالي للتدقيق عدَّة حالات من عدم الامتثال للمتطلبات الواردة في القواعد والمبادئ التوجيهية للكومنولث للمنح لضمان أن تكون القرارات المتعلقة بفرص المنح محايدة وموثَّقة ومبلَّغ عنها بشكل مناسب، ويمكن الدفاع عنها علناً، وقانونية.
مستقبل أخلاقيات التدقيق
مع وضع المنهجية في صيغتها النهائية، يشير المكتب الوطني الأسترالي للتدقيق إلى عزمه البدء في تطبيق مزيد من التدقيق على القطاع العام لمعرفة أخلاقيات قراراته. وقد لوحظ ذلك في خطة الشركات لفترة 2022-23 وبرنامج عمل التدقيق السنوي لفترة 2022-23 للمكتب. وجرى إدراج تنفيذ الأطر الأخلاقية في وكالات الخدمة العامة الأسترالية كموضوع محتمل للتدقيق في الفترة 2022-23. كما قدم المدقق العام للمكتب الوطني الأسترالي للتدقيق وموظفوه عروضاً في العديد من المنتديات الخارجية، بما في ذلك منتدى رؤساء لجان التدقيق في ديسمبر / كانون الأول 2022. وفي هذا المنتدى، قدَّم المدقق العام رؤى عن النزاهة والأخلاقيات، ويسَّر المكتب أيضاً حلقة نقاش وأسئلة وإجابات بعنوان “إبراز المحاذير الأخلاقية في المشتريات”. وخلال الاجتماع الدولي للمفكرين النقديين في التدقيق في الأداء في أبريل / نيسان 2023، أدار المكتب حلقة نقاش في شأن “التحديات الأخلاقية والخاصة بالنزاهة في الحكومة”. وشارك في حلقة النقاش جون رايان، المراقب والمدقق العام في مكتب المدقق العام في نيوزيلندا / الأمين العام لرابطة المحيط الهادئ للأجهزة العليا للرقابة المالية العامة والمحاسبة، والدكتور غوردون دي بروير، أمين إصلاح القطاع العام في أستراليا، ودانييل تي بيرد، الشريكة في إرنست أند يونغ في أستراليا.
جون رايان، المراقب المالي والمراجع العام لنيوزيلندا، والدكتور جوردون دي بروير بي إس إم، وزير إصلاح القطاع العام، ودانييلي تي بيرد، الشريك في EY Australia، يقودان المناقشات حول التحديات الأخلاقية والنزاهة في الحكومة في الاجتماع الدولي للمفكرين النقديين في مجال مراجعة الأداء ( IMPACT) في كانبيرا، أستراليا في أبريل 2023.
كانبيرا، أستراليا – 19 أبريل 2023: انعقد مؤتمر IMPACT 2023 في فندق Realm في كانبيرا. الصورة: غاري راماج
وعُقَدَت حلقة نقاش حول الأخلاقيات شارك فيها العديد من كبار موظفي المكتب الوطني الأسترالي للتدقيق في إطار مهرجان LearnFest – وهو المهرجان السنوي للمكتب الخاص بالقدرة والتعلم المستمر والمجتمع والثقافة – الذي عُقِدَ في نوفمبر / تشرين الثاني 2022. وجرى توفير التدريب على المنهجية لجميع مدقق المكتب في النصف الأول من عام 2023.
ويؤمل أن يساهم المزيد من التدقيق في مجال الأخلاقيات في ضمان أن يتطلَّع القطاع العام إلى ما هو أبعد من الامتثال التقني وأن يعمل وفقاً لقصد القواعد والأطر المعمول بها، إلى جانب توقعات المجتمع بالنزاهة. وتنبع ثقافة النزاهة في المنظمة من المعايير التي يضعها قادتها.