آليات تعزيز مشاركة المجتمع في عمليات التدقيق في القطاع العام: أدلّة من الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا

المؤلفون: محمد رافي بكري1 وجيلبرت سيمسون غاتانغ 2 من الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في أندونيسيا

الخلفية

طالما اعتقد مجتمع الإنتوساي بأنّه ينبغي أن يعود عمل الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة بالفائدة على المجتمعات التي تقدم الخدمات لها، وأن يشجع كجزء من ذلك المصلحة العامة والمشاركة في أعماله. وفي عام 2013، خلال مؤتمر الإنتوساي في بكين، اعتمدت المنظمة معياراً دولياً جديداً هو معيار الإنتوساي الثاني عشر الخاص بقيمة الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة ومنافعها، والذي يعتبر المواطنين مستفيدين رئيسيين من عمل الأجهزة. وفي تقرير نتائج الإنكوساي الثالث والعشرين لعام 2019 (“إعلان موسكو”)، استمر مجتمع الإنتوساي في الإقرار بأهمية مشاركة المواطنين إذ اعتبر أن “أدوات المشاركة العامة تحفّز الإلهام لدى الجمهور، وتزيد من ثقته، وتتيح تركيز الجهود المتبادلة، وتشجع الحلول المبتكرة للتحديات العامة” (إعلان موسكو 2019).

وبالإضافة إلى التزام المنظمة بإشراك الجمهور، ينصّ القانون الإندونيسي رقم 14 لعام 2008 أيضاً على إتاحة المعلومات العامة بشكل مفتوح. وقد جرى وضع القانون بهدف تشجيع المشاركة العامة في عملية صنع السياسة العامة، وتعزيز الدور النّشط للمجتمع في وضع السياسة العامة وإدارة الجهات العامة، وتحقيق إدارة دولة تتّسم بالشفافية والفعالية والكفاءة والمساءلة، من بين أمور أخرى.

واستناداً إلى هذا القانون، وضع الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا أنظمة داخلية بشأن إدارة المعلومات العامة. ويرصد أحد هذه الأنظمة، وتحديداً النظام رقم 3 لعام 2011، إدارة الإعلام العام ضمن الجهاز، ويضمن تلبيتها للمبادئ والأهداف الواردة في قانون الكشف عن المعلومات العامة. ويتولى مكتب إدارة المعلومات والتوثيق ومركز المعلومات والاتصالات ضمن الجهاز مسؤولية الإشراف على إدارة المعلومات العامة.

تطبيق مكتب إدارة المعلومات والتوثيق

يعزِّز الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا دور المجتمع في عمليات التدقيق في القطاع العام من خلال ثلاث خدمات معلومات عامة ينفذها مكتب إدارة المعلومات والتوثيق: (1) خدمات الاستعلامات العامة؛ (2) خدمات الشكاوى العامة؛ (3) خدمات الاعتراض على المعلومات. وتركِّز هذه المقالة على أول خدمتي معلومات عامتين. ولاحظ الجهاز زيادة في الطلب على المعلومات المتاحة للجمهور بشأن عمليات التدقيق في القطاع العام، مثل تقارير التدقيق وملخص تقارير التدقيق الفصلية. وتشمل هذه الإصدارات تقارير التدقيق المتعلقة بالتقارير المالية للحكومات المركزية والمحلية، وآراء التدقيق ونتائج التدقيق في جهات القطاع العام.

خدمات الاستعلامات العامة

راجع الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا بيانات خدمات الاستعلامات العامة وقام بتحليلها، ووجد أنَّ الجمهور قد قدَّم في عام 2019 1,694 استعلاماً إلى الجهاز. ومن أصل هذا المجموع، تناول 1,455 استعلاماً للجمهور معلومات دورية (حوالي 86%)، و3 استعلامات طلب معلومات مستثناة (حوالي 0%)، و236 استعلاماً طلب معلومات أخرى (حوالي 14%). وتُستخدم غالبية الاستعلامات العامة في إبلاغ ما يلي:

  • بيانات البحث
  • إعداد التقارير
  • الدراسات والمواد الدراسية المساهمة فيها
  • المراقبة الاجتماعية والإشراف والرصد
  • المنشورات، مثل المواد اللازمة لإعداد برامج التدقيق، والتحقيقات، واستكمال إجراءات المتابعة المتعلقة بنتائج التدقيق للجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة

وبالإضافة إلى طلبات تقارير التدقيق، يتلقى مكتب إدارة المعلومات والتوثيق أيضاً استفسارات تتناول معلومات تتعلق بموظفي الجهاز.

وفي عام 2020، وبسبب جائحة كوفيد-19، أقرَّ الجهاز بضرورة تزويد الجمهور بالمعلومات من خلال الوسائل الرقمية. ولمواصلة خدمة الجمهور افتراضياً، حسَّن الجهاز بأقصى حدّ ممكن مكتب إدارة المعلومات والتوثيق من خلال إصدار رقمي للبرنامج، وهو E-PPID، أي مكتب إدارة المعلومات والتوثيق الإلكتروني. وقد سمح الإصدار الرقمي للجمهور بالوصول بشكل أكبر إلى معلومات الجهاز. وزاد الطلب العام على المعلومات كثيراً، إذ سجّل الجهاز ارتفاعاً في مجموع طلبات خدمات المعلومات العامة في عام 2020 إلى 14,022 طلباً، أو بنسبة 728% تقريباً في عام 2020. وقد تكرَّر هذا الاتجاه الإيجابي للاستعلامات العامة في عام 2021، حيث بلغ عدد طلبات خدمة المعلومات العامة 18,864 طلباً، أي بزيادة نسبتها 34.5% عن العام السابق. وسيرد الجهاز على جميع الاستفسارات للحصول على معلومات تفي بمتطلبات الطلب.

واستجابةَ للطلب والاهتمام العامين بالمعلومات المتعلقة بالتدقيق في القطاع العام، أعطى الجهاز الأولوية لتسريع الاستجابة للاستفسارات من الجمهور. وفي عام 2021، من أصل إجمالي 18,864 استفساراً وارداً يفي بمتطلبات الطلب، لبّى الجهاز ما نسبته 99.6% أو 18,788 استفساراً خلال يوم إلى عشرة أيام. وبالنسبة إلى بقية الاستفسارات، لبّى الجهاز 59 استعلاماً في غضون 11-17 يوماً، فيما أُنجِزَ الباقي خلال أكثر من 17 يوماً.

ونتيجة لتوفير الجهاز للمعلومات العامة من خلال مكتب إدارة المعلومات والتوثيق ومكتب إدارة المعلومات والتوثيق الإلكتروني، يمكن أن يؤدي الجهاز مهمته الثالثة عن طريق تنفيذ حوكمة تنظيمية شفّافة ومستدامة وأن يصبح مثلاً للمؤسسات الأخرى. علاوةً على ذلك، من المؤكد أنَّ هذه الشفافية يمكن أن تعزِّز المشاركة العامة في عمليات التدقيق في القطاع العام.

الشكل 1: خدمات المعلومات العامة من خلال PPID

Public information services through PPID

المصدر: الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا

خدمات الشكاوى العامة

يلاحظ الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا أن تلقّي الشكاوى العامة ومراجعتها يمثّل جانباً رئيسياً من مهام الجهاز ووظائفه كمدقق مالي تابع للدولة. ومن خلال مكتب إدارة المعلومات والتوثيق، يمكن للجمهور المساهمة في عملية التدقيق من خلال الإبلاغ عن أي إجراءات تُعتبر غير متّسقة مع الأنظمة النافذة. ويمكن أن تكون الشكاوى التي يقدِّمها الجمهور مرتبطة بالتدقيق أو عدم التدقيق أو غيرها من الأمور المثيرة للاهتمام.

وتتابع المفتشية العامة في الجهاز الشكاوى المتعلقة بالانتهاكات المزعومة لمدونة قواعد السلوك. وعلى النقيض من ذلك، تتولى وحدة العمل المسؤولة تنسيق الشكاوى المتعلقة بنتائج التدقيق ومراجعتها. وفي ما يتعلق بالخدمات العامة، يوفر مكتب العلاقات العامة والتعاون الدولي لمقدّمي الشكاوى معلومات عن إجراءات الاستعلامات.

وفي عام 2019، تلقَّت الشركة ما مجموعه 214 شكوى عامة. وكانت الشكاوى عبارة عن 141 شكوى تتعلق بعمليات التدقيق (حوالي 66%)، و11 شكوى تتعلق بعدم التدقيق (حوالي 7.8%)، و62 شكوى تتعلق بموضوعات أخرى (حوالي 29%). وتتعلق الشكاوى الواردة بموضوعات من بينها ما يلي:

  • اختلاس أموال موازنة الدولة أو المناطق الخاصة بالوكالات الحكومية (48 شكوى)
  • شراء السلع/الخدمات واستخدام أموال القرى

من الصعب على الجهاز التدقيق في هذين الأمرين. ومع ذلك، يمكنه بمساعدة المجتمع  أن يركِّز بصورة أفضل على عمليات التدقيق المتَّصِلة بشراء السلع والخدمات، ويمكن أن تحقِّق صناديق القرى نتائج هادفة ومؤثرة.

وفي عام 2020، بقيت إساءة استخدام موازنة الدولة أو المناطق موضوع معظم الشكاوى العامة المتكرِّرة، حيث بلغ مجموع الشكاوى 85 شكوى. وقد أدّى المجتمع العام دوراً مضطرداً في مساعدة الجهاز في مجال ضمان الإشراف السليم على تمويل الدولة والحد من المخاطر المضرّة بالنظام. بالإضافة إلى ذلك، ومع انتشار جائحة كوفيد-19 في مختلف أنحاء العالم وإندونيسيا، تلقّى الجهاز الشكاوى في عام 2020 بشأن سوء الاستخدام المزعوم للأموال لمواجهة الجائحة 

وبدأت موضوعات الشكاوى العامة التي تلقّاها الجهاز تشهد تنوعاً في عام 2021. ولاحظ الجهاز أنَّ المجتمع الإندونيسي قد أصبح أكثر انتقاداً وقلقاً إزاء الاستجابة للمشكلات المتصلة بالخسائر المالية للدولة. وتمثل ادعاءات الفساد وسوء استخدام الموازنة 14% من مجموع الشكاوى الواردة. واستناداً إلى الشكاوى العامة، سيتابع الجهاز التحقيق في الفساد المزعوم. وإذا ثبت حدوث فساد، فإن هذا الإبلاغ عن خدمات الشكاوى العامة سيضمن نجاح عدم تحويل أموال الدولة بشكل غير صحيح، ويجنِّب الخسائر المالية.

الابتكار في مشاركة المجتمع

استجابةً للطلب المتزايد على المعلومات المتعلقة بالتدقيق العام، وللدور المتزايد للجمهور في الكشف عن المعلومات والشفافية، أجرى الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة تحسينات في جودة خدمات المعلومات العامة وهو يخطط للمزيد منها.

على سبيل المثال، يواصل الجهاز تحسين استخدام قنوات التواصل عبر الإنترنت للتفاعل العام. وفي عام 2021، طوّر الجهاز تطبيق مكتب إدارة المعلومات والتوثيق عبر الجوال وأطلقه، مما يسهِّل ويسرِّع الخدمات التي يقدِّمها الجهاز والاستجابة للشكاوى والاستعلامات العامة. بالإضافة إلى ذلك، أجرى الجهاز دراسات مقارنة افتراضية مع الوزارات والوكالات التي لديها بالفعل مرافق وبنى تحتية كافية لمركز المعلومات والاتصالات، وإجراءات أكثر رسوخاً لإدارة المعلومات. وبناءً على الدراسة المقارنة، يواصل الجهاز التنسيق مع العديد من أصحاب المصلحة لضمان أن يكون التبادل المتآزر للمعرفة بين المؤسسات المتعددة قادراً على تحسين التفاعل العام مع الجهاز.

المصدر: الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا

اعتمد الجهاز أيضاً نُهجاً مبتكرة إزاء خدمات المعلومات في أحد مكاتبه الإقليمية، وهو على وجه التحديد المكتب الإقليمي للجهاز في جامبي. وفي مطلع عام 2022، أذن رئيس المكتب الإقليمي في جامبي ريو تيرتا بإنشاء غرفة بحث تحت اسم “المساءلة للجميع من خلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات”. ويتيح المكتب الإقليمي هذه الغرفة للجمهور للاستعلام مباشرةً عن المعلومات المتّصلة بالتدقيق في القطاع العام، مما يزيد من مشاركة المجتمع في التدقيق. 

المصدر: الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا

حتى في فترة عملها القصيرة، اضطلعت الغرفة بالعديد من الأنشطة التي تشرك المجتمع المحيط في عملية التدقيق. وعلى سبيل المثال، نفّذت الغرفة أنشطة توعية للأوساط الأكاديمية، وقدّمت واجبات الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة ووظائفه لهذه المجموعة من أصحاب المصلحة الخارجيين. ويوفر الجهاز المواد، مثل الكتب الإلكترونية والمجلات الإلكترونية الخاصة بعمليات التدقيق، مما يسمح للباحثين والطلاب باستخدام معلومات التدقيق العامة كمراجع للدراسات والتقارير. نتيجةً لذلك، زادت الأوساط الأكاديمية من معرفتها وعملها في المساهمة في عمليات التدقيق في القطاع العام.

المصدر: الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا

الخلاصة

ساهم مكتب إدارة المعلومات والتوثيق بشكل كبير في تسهيل مشاركة المجتمع في عمليات التدقيق في القطاع العام في إندونيسيا. ويساعد المكتب الجهاز، وهو مؤسسة التدقيق المالي للدولة، من خلال التماس الجمهور لمعلومات الشكاوى حول الاحتيال والفساد اللذين قد يتسبَّبان في خسائر للدولة. وفي ظل هذا الطلب العام الكبير على خدمات مكتب إدارة المعلومات والتوثيق ووقعها، يمكن تطبيق آليات مشاركة المجتمع العام للجهاز في مؤسسات ومنظمات تدقيق أخرى لزيادة القدرة على الوصول إلى المعلومات وتمكين الجمهور من المساهمة في إعلام الجمهور بعمليات التدقيق العامة. وبفضل دور المجتمع المحلي ومشاركته، يمكن أن تعمل الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة بشكل أكثر فعالية وكفاءة من أجل التصدي للاحتيال والفساد.

Back To Top