من إعداد: إريك ألين، كبير مدققين، ورئيس قسم الطاقة، وساندرين كروزيت، المستشارة الأولى لغرفة التدقيق الإقليمية.
نظراً إلى تفاقم المخاوف البيئية والأهمية المتزايدة لقضايا التحول البيئي في جميع السياسات العامة الوطنية والمحلية، قام ديوان المحاسبة الفرنسي، وهو الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة الذي يشكِّل السلطات القضائية المالية مع غرف التدقيق في المناطق والأقاليم، بمضافرة جهوده مع هذه الأخيرة لتعزيز أهمية أعمال التدقيق والتقييم في هذه المجالات، والتي تشكِّل في الأساس جزءاً متزايداً من عملها المقرر.
وفي حين أنَّ الهدف هو زيادة ضغط عمليات التدقيق على هذه الموضوعات، والتي تشكِّل مخاطر مالية عامة متزايدة (لناحية إنفاق الميزانية والضرائب وإنّما أيضا “الدين البيئي”)، فمن الضروري أيضاً تعزيز قدرات المدققين في هذه الموضوعات المعقّدة، والمثيرة للجدل في بعض الأحيان. وتمَّ اعتماد نهج أصلي على شكل “مجتمع تحول بيئي”.
تمَّ إنشاء مجتمع التحول البيئي للسلطات القضائية المالية في فبراير / شباط 2021 بهدف تعزيز مراقبة التحول البيئي وتحفيزه، سواء على مستوى غرف ديوان المحاسبة الفرنسي أو غرف التدقيق في المناطق والأقاليم.
ويتألّف المجتمع المحلي من قائدين مشاركين، أحدهما قاضٍ في الديوان والآخر في غرف التدقيق في المناطق والأقاليم، ومراجع (أو ممثلين) داخل كل غرفة (الديوان وغرف التدقيق في المناطق والأقاليم)، ومكتب المدعي العام، وكل دائرة من الدوائر المساندة في الديوان.
يلتقي مجتمع التحول البيئي بصورة شهرية ويُقسم أيضاً إلى مجموعات عمل، ويوفر لجميع فرقاء المراقبة أدوات لمساعدتها على إتقان تحديات التحول البيئي بشكل أفضل وإدراج هذا البعد المتعدِّد الوظائف في ضوابطها:
- نشرة إخبارية شهرية تتضمن مقالات عن التحول البيئي والاحترار العالمي وإزالة الكربون من عدّة قطاعات (الطاقة والزراعة والنقل) والتخطيط الإقليمي للتحول؛
- الملاحظات من عمليات التدقيق على شكل اجتماعات / مؤتمرات فيديو / فعاليات أخرى تُعقد في الديوان أو في غرف التدقيق في المناطق والأقاليم بشأن أحد مجالات التحول البيئي. وهذه الملاحظات الشهرية متاحة للجميع.
- دليل على شكل “ويكي” ذات طبيعة تعاونية للتدقيق في التحول البيئي للسلطات المحلية. وتحدِّد كل ورقة من الدليل القضايا المطروحة في الموضوع الذي تمَّت تغطيته، وتذكِّر بالالتزامات التنظيمية المتعلّقة بإجراء تدقيق في الانتظام، وتقترح استبياناً يمكن أن تعيد فرقاء التدقيق استخدامه. ويقدم الدليل أيضاً منهجية لإدماج التدقيق التحولي في جميع الجوانب التي عادةً ما تكون موجودة في تدقيق الحسابات والإدارة (التحليل المالي، والموارد البشرية، وتوجيه الميزانية، والأصول). وهذا الدليل متاح لفرقاء التدقيق منذ نوفمبر / تشرين الثاني 2023.
- مؤتمرات أو ندوات عبر الإنترنت، مرتين أو ثلاث مرات في السنة، يعرض خلالها متحدّثون خارجيون آليات التمويل للتحول البيئي، وتقارير مؤسسات التفكير بشأن الموضوع المطروح، وآليات التقييم، وما إلى ذلك
- التدريب، بالاشتراك مع مركز دعم الوظائف، إما على التحول البيئي نفسه أو على أساليب المراقبة في التحول البيئي القطاعي
- مجال توثيق للوصول بسهولة إلى جميع هذه الأدوات.
يعمل مجتمع التحول البيئي باستمرار على تحسين الأدوات الموجودة، إذ يسمح الشكل المختار لدليل المراقبة بإضافة الأوراق، والروابط مع أدلّة المراقبة الموضوعية الأخرى، بما في ذلك الأقسام المتعلقة بالتحول البيئي، والتحديث المنتظم للمراجع التنظيمية. ويقوم فريق عامل، مؤلَّف من مراجِع وغير مراجِع، بصياغة الأوراق واستعراضها على أساس جماعي.
ويؤدي إنشاء فريقين عاملين آخرين أخيراً إلى تعزيز تفكير المجتمع المحلي بشأن مراقبة التحول:
- ستحدِّد مجموعة عمل “دولية”، بمشاركة الدائرة الدولية في الديوان، المنهجيات وأفضل الممارسات المطبّقة في الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة الأخرى، وتجري مقابلات مع خبراء أجانب وتعزِّز مشاركة السلطات القضائية المالية الفرنسية ضمن الإنتوساي والمؤسسات الدولية الأخرى التي تضم الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، وكذلك في الشراكات القائمة؛
- أنشئ أيضاً مركز تفكير معني بالمحاسبة البيئية والميزانيات الخضراء،(1) بهدف النظر في أساليب الرقابة التي لا تزال غير معروفة حتى اليوم، والمشاركة في النقاشات الجارية بشأن كيفية مراعاة التحول البيئي في المحاسبة.
ومنذ إنشاء المجتمع، ازداد عدد المراجِع لكل غرفة (ما يصل إلى ثلاثة مراجِع يعيّنها رئيس الغرفة). وأنشأت بعض غرف التدقيق في المناطق والأقاليم أيضاً مراكز تحول بيئي داخلية. ويتمثَّل دورها في اقتراح عمليات تدقيق بشأن هذا الموضوع في برمجة غرفها، ودعم الزملاء الراغبين في إدخال عنصر التحول البيئي في عمليات التدقيق التي يجرونها، ووضع برامج تدريبية داخلية لتعزيز مهارات الوكلاء.
وسيكون العمل الذي أنجزه مجتمع التحول البيئي على مدى العامين الماضيين، والذي أصبح الآن محدداً بشكل جيد ضمن السلطات القضائية المالية، بمثابة أساس لتيسير عمل الجميع بهدف إعداد التقرير السنوي عن التحول البيئي، الذي أعلنه الرئيس الأول لديوان المحاسبة، والمقرر نشره في سبتمبر / أيلول 2025. ويشجِّع هذا الاحتمال المجتمع على تعديل أدواته وتعزيز التدريب المحلي من خلال المراجِع.
وتدلُّ الزيادة في عدد المراجِع، وكذلك في عدد المشاركين في جلسات الملاحظات الشهرية، على الاهتمام المتزايد لزملائنا بهذه القضايا. وبهذا المعنى، حقَّق المجتمع جزءاً من أهدافه. فقد أثبت أنَّ مراقبة التحول ليست حكراً على بعض فرقاء المراقبة، بل يمكن لا بل ينبغي، أن يمارسها الجميع؛ وقد عزَّز قدرة السلطات القضائية المالية على العمل في هذا المجال.
ويجب مواصلة هذه الجهود لضمان أن يصبح التحول البيئي مجالاً منهجياً للمراقبة مثل الموارد البشرية أو التحليل المالي أو المساواة بين الجنسين أو السياسة العقارية. وستكون الخطوة التالية جعل التحول البيئي ليس مجرد مجال للمراقبة، بل قضية شاملة في جميع جوانب الضوابط المالية والإدارية، وفي جميع تقييمات السياسة العامة.