التطلع إلى مستقبل المساءلة: النقاط البارزة من مؤتمر الباساي بشأن تعزيز التدقيق في القطاع العام في منطقة المحيط الهادئ
من إعداد مجلة الإنتوساي والباساي
المقدمة
بين أواخر فبراير/شباط حتى أوائل مارس/آذار 2023، عقدت مجموعة الأجهزة العليا للرقابة المالية العامة والمحاسبة لدول الباسيفيك (الباساي) مؤتمرها الرابع والعشرين في بالاو، حيث شاركت أجهزة عليا للرقابة المالية والمحاسبة من المنطقة في ورشة عمل لوضع الاستراتيجيات للمنطقة، والتفكير في أهمية التدقيق الجيد واستقلالية الأجهزة، وتنفيذ المهمة الأساسية لها.
وركَّزت حلقات الحوار والنقاشات التي استضافها مكتب المدقق العام في جمهورية باﻻو على موضوع المؤتمر بعنوان “التطلع إلى المستقبل”. وتماشياً مع الموضوع، تطرَّق المشاركون إلى التقدم الذي أحرزته الباساي طوال نحو تسع سنوات في خطتها الاستراتيجية العشرية، وبدء العمل على تطوير استراتيجيتها التالية.
الخطة الاستراتيجية الجماعية
في إطار مؤتمر الباساي، شارك رؤساء الأجهزة العليا وممثلو شركاء التنمية وموظفو أمانة الباساي في مناقشة تعاونية للإطلاع على الخطة الاستراتيجية للباساي للفترة 2024-2034. وتطرَّق المشاركون خلال ورشة العمل التي امتدت ليوم واحد وتولت تيمورلين بيسلي إدارة النقاش فيها إلى ما يجب أن تكون عليه الأولويات الاستراتيجية للسنوات العشر المقبلة.
وكجزء من تطوير الأولويات الاستراتيجية، نظر المشاركون في مؤتمر الباساي في التقدم الذي تمَّ إحرازه عبر كل من الأولويات الاستراتيجية الحالية:
- تعزيز استقلالية الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة
- تأييد تقوية الحوكمة والمساءلة
- إتمام الأجهزة في منطقة المحيط الهادئ عمليات تدقيق عالية الجودة في الوقت المناسب
- تعزيز قدرات الأجهزة العليا
- تمكين أمانة الباساي من دعم الأجهزة العليا في منطقة المحيط الهادئ
اتفق رؤساء الأجهزة على أنَّ الأولويات قد وجّهت الباساي بشكل جيد، وفكّروا في أهميتها المحتملة لأنشطة المنظمة في السنوات العشر المقبلة. وحدَّد المشاركون في المؤتمر التحديات والفرص المستقبلية المحتملة عند النظر في الخطة الاستراتيجية المقبلة.
وناقش المشاركون ما يمكن أن يفعلوه لزيادة نفوذ التدقيق في الجودة وأثره إلى أقصى حد، وأشاروا إلى أنذَ إجراء عمليات تدقيق عالية الجودة في المجالات الصحيحة، وإظهار القيمة لأصحاب المصلحة، هما بعض السبل لإظهار أثره.
وأُتيحت لرؤساء الأجهزة فرصة إجراء مناقشات مفصَّلة مع المشاركين الآخرين في المؤتمر في شأن ما ساعد الباساي في عملها وأعاقه، ومدى نجاحها في الماضي، والقضايا الناشئة التي من المحتمل أن تؤثر في عملها في المستقبل، ونوع الأنشطة التي ينبغي أن توليها المنظمة الأولوية. كما تناولت ورشة العمل المتعلقة بالتنمية الاستراتيجية الطريقة التي دعمت بها الأجهزة في منطقة المحيط الهادئ الأعضاء فيها. وشملت الردود المساعدة في إتمام تقييمات إطار قياس أداء الأجهزة لجميع الأجهزة البالغ عددها 20 والمستفيدة من برامج الباساي، والتقييم الذاتي للنزاهة (INTOSAINT)، وهي أداة لتقييم نزاهة الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، والدورات التدريبية، والإرشاد والتوأمة، والموارد.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنَّ ستة من الحاضرين كانوا قد شاركوا في تطوير الخطة الاستراتيجية للفترة 2014-2024 للباساي قبل نحو 10 أعوام. وذكّروا بالمناقشات المتعلقة بعملية وضع الاستراتيجية تلك، وتطرقوا إلى كيفية تطور خطة العمل منذ ذلك الحين.
واتّفق المشاركون في ورشة العمل على أنَّ المكاتب الأعضاء في الباساي ستستفيد بشكل كبير من خلال توسيع نطاق الترتيبات الإقليمية للتوجيه وتبادل المعارف بين الأقران.
وعقب ورشة العمل المتعلقة بالتنمية الاستراتيجية خلال المؤتمر، أجرت الباساي مشاورات مكثفة مع أعضائها ومع شركاء التنمية وأصحاب المصلحة لتعزيز الخطة الاستراتيجية الجديدة.
وتتوقع الباساي الانتهاء من وضع استراتيجيتها الجديدة للفترة الممتدة بين عامي 2024 و2034 واعتمادها في مؤتمرها المقبل في جزر كوك في مايو/أيار 2024.
الإنجازات الإقليمية والسياقات الثقافية والتفاهم
تضم الباساي أعضاء مجمعين في أربع مناطق فرعية هي ميلانيزيا وميكرونيزيا وبولينيزيا و”غيرها”. وخلال المؤتمر، تطرّقت كل منطقة فرعية إلى تحدياتها وإنجازاتها. كما ناقشت القضايا المهمة المتعلقة باستقلالية الأجهزة، وتقديم الجودة في إطار مهمتها الأساسية في مجال التدقيق، وتحقيق الأثر من خلال عملها لصالح مجتمعاتها.
وأعطى رؤساء الأجهزة إجابات إبداعية على السؤال “ما الذي يعكس أهمية عملك؟” الذي حدَّد وتيرة جلسات العمل. وقد ربط ذلك عمل الأجهزة العليا بتراثها الثقافي وشدّد على وجود تحديات مشتركة، وكذلك الشغف بالحفاظ على الدور الهام للأجهزة.
ولم تشارك الأجهزة العليا تحدياتها فحسب، بل كيفية التغلب عليها. ومن الأمثلة التي تمت الإشارة إليها إمكان استغلال رؤساء الأجهزة في منطقة المحيط الهادئ لدورهم كقادة محليين للتفاوض على أدوارهم بالنسبة إلى أجهزتهم ومناقشتها وتحديدها. ومن خلال اكتساب الثقة، يمكن أن تستفيد الأجهزة من صدقيتها في مجتمعات الجزر الصغيرة لتحسين مشاركة أصحاب المصلحة وتعزيز أثر التدقيق.
مؤتمر الباساي يسلّط الضوء على الأولويات الرئيسية من خلال حلقات الحوار والعروض التقديمية
بالإضافة إلى ورشة العمل الخاصة بالتنمية الاستراتيجية، ناقش المشاركون في مؤتمر الباساي ورؤساء الأجهزة وموظفو أمانة المنظمة قضايا رئيسية، بما فيها الاستقلالية المؤسسية وضمان الجودة في المهمة الأساسية للأجهزة.
ضمان استقلالية الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة
لا يمكن تجزئة ضمان استقلالية الأجهزة إذ لا يمكن أن تكون الأجهزة موضوعية وذات صدقية وفعالة إلا إذا كانت مستقلة عن الجهة المدقق فيها ومحمية من التأثير الخارجي. ومن خلال مجموعة كاملة من تقييمات إطار قياس أداء الأجهزة العليا للرقابة، بات للباساي الآن مقياس أساسي لتقييم الوضع الراهن لاستقلالية الأجهزة الأعضاء. وخلال المؤتمر، أقرّت بعض الأجهزة بتحدياتها المتعلقة بالاستقلالية.
وأدارت المدققة العامة في نيو ساوث ويلز مارغريت كراوفورد حلقة حوار لاستكشاف موضوعات تتعلق باستقلالية الأجهزة. وتحدّث المدقق العام في تونغا السيد سيفيتا تانغي، ونائبة المدير العام لمبادرة الإنتوساي للتنمية السيدة أرشانا شيرسات، والمراقب والمدقق العام في نيوزيلندا السيد جون رايان، ونائبة المدقق العام في أستراليا السيدة رونا ميلور، والمدقق العام في غوام السيد بنجامين ج. ف. كروز عن إنجازات الاستقلالية، واتجاهات استقلالية الأجهزة حول العالم، وتحديات الاستقلالية في الأجهزة المستقلة، والدروس المستفادة من التحديات التي تواجهها الأجهزة الأعضاء.
وقد تستغرق الرحلة من مستوى منخفض إلى مستوى مرتفع من استقلالية الأجهزة وقتاً وتتطلب مناصرة مستمرة. وعلى سبيل المثال، قال السيد تانغي إنَّ نيل منصب المدقق العام الاستقلالية بحسب الدستور في مملكة تونغا قد استغرق 44 عاماً. وأصبح لدى العاملين في مكتب المدقق العام ثقة أكبر في تنفيذ مهمة جهازهم، مع العلم أنَّ عملهم يتمتع بالحماية الدستورية الكاملة.
وقالت السيدة شيرسات إنّ مبادرة الإنتوساي للتنمية توفر مجموعة من الأدوات لمساعدة الأجهزة العليا على نيل الاستقلالية، ورصد تحدياتها، وتأييدها عند الحاجة. وعندما يتمتع جهاز بمستوى مرتفع من الاستقلالية، يجب الحرص على المحافظة عليه. وفي الحالات التي تكون فيها استقلالية الأجهزة مهدّدة، تتوفر لمبادرة الإنتوساي للتنمية آلية تأييد سريعة لاستقلالية الأجهزة لدعمها.
وبما أنَّ مناطق مختلفة حول العالم تواجه عقبات في تحقيق استقلاليتها والحفاظ عليها، تستمر في كونها موضوعاً مهماً ليس فقط للباساي، وإنما للإنتوساي ككل للتركيز على التهديدات والعمل عليها.
ضمان الجودة في المهمة الأساسية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة
في حلقة حوار حول ضمان الجودة في المهمة الأساسية للأجهزة العليا للرقابة المالية، تطرق متحدثون مرموقون ورؤساء أجهزة من جزر كوك وفيجي وإقليم العاصمة الأسترالية والباساي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمدرسة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية إلى رؤى في شأن التأثيرات التي يحدثها دعم التوأمة، وفرقاء ضمان الجودة، وغيرها من الجهات الفاعلة في إدارة المالية العامة، والتدريب، وبيئات الأجهزة العليا الصغيرة في ضمان جودة التدقيق وتحسينها.
ومن بين هذه المناقشات عن سبل ضمان الجودة في عمليات التدقيق، تبادل المتحدثون رسائل رئيسية، بما في ذلك:
- توفر التوأمة والدعم المقدم من الأقران طرقاً قيّمة للتعلم من تجارب الآخرين.
- تبني عمليات مراجعة ضمان الجودة ثقافة تحسين مستمر داخل الأجهزة.
- تدريب الموظفين في وقت قريب من الوقت الذي سيكونون فيه قادرين على تطبيق المهارات هو الطريقة الأكثر فعالية للتعلم.
- في حين سيكون التدريب الفني مهماً، فإنَّ الأهم ضمان فهم الموظفين لقيم منظَّمتهم وتطبيقها في كل ما يفعلونه.
الخلاصة
وفَّر مؤتمر الباساي منصة لإجراء مناقشات قوية وتقديم رؤى ومبادرات تهدف إلى تحسين التدقيق في القطاع العام في منطقة المحيط الهادئ. وأكّدت التحديات التي تواجهها مختلف الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة على ضرورة التعاون المستمر وبناء القدرات والالتزام القوي بالشفافية والمساءلة. وبينما تتطلع الباساي إلى المستقبل، تهدف الخطة الاستراتيجية إلى توجيه المدققين في منطقة المحيط الهادئ في رحلتهم الجماعية نحو تحسين جودة التدقيق وإحداث أثر دائم.
شاهد المزيد من الصور من مؤتمر باساي 2023 هنا، أو من خلال زيارة https://bit.ly/4bFUM5L. جميع الصور في هذا المقال منسوبة إلى مجلة الإنتوساي.