تحسين كفاءة التدقيق المالي: تقرير واحد بدلاً من 27
من إعداد: زين ليتان
المقدمة
استجابةً للطلب العام والاتجاهات العالمية، باشر مكتب تدقيق الدولة في لاتفيا التحوّل الأكثر أهمية في عمليات التدقيق في العقدين الماضيين.
وبهدف تحسين الكفاءة وتعزيز تخصّص الموارد البشرية، كانت وظيفة التدقيق المالي مركزيّة ضمن وحدة هيكلية واحدة. وفي السابق، كانت عمليات التدقيق المالي تتم في جميع دوائر التدقيق. ويعكس هذا التحوّل التزاماً استراتيجياً بتحديث ممارسات التدقيق، وتعزيز القدرات المؤسسيّة، وضمان مقدار أكبر من الاتّساق والجودة والتأثير في عملية التدقيق المالي.
نتيجةً لذلك، ستُجرى عملية تدقيق مالي واحدة ويتمّ إعداد تقرير تدقيق واحد، بما يتضمّن رأياً بشأن البيانات المالية السنوية المجمّعة لجمهورية لاتفيا، والذي يشمل التقارير السنوية لجميع وزارات الدولة، ومؤسسات الحكومة المركزية، والبلديات، والأشخاص العموميين التابعين لها.
الخلفية
في كل عام، ووفقاً لقانون مكتب تدقيق الدولة وقانون الموازنة والإدارة المالية، وضمن المهل القانونية، يتعيّن على الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في لاتفيا إجراء عمليات تدقيق مالي للبيانات المالية للوزارات ومؤسسات الحكومة المركزية. علاوةً على ذلك، يتعيّن على الجهاز أن يعدَّ ويقدِّم تقرير تدقيق ورأياً بشأن البيان المالي السنوي المجمّع للدولة إلى برلمان لاتفيا.
ما كان النهج السابق؟
في كل عام، أشرك الجهاز في لاتفيا 13 قطاع تدقيق في إتمام عمليات التدقيق المالي. وتألّفت المؤسسة من ست إدارات، مقسّمة إلى 17 قطاعاً، وهذا يعني أنَّ ثلاثة أرباع جميع القطاعات قد شاركت في عمليات التدقيق المالي. وأُجريت عمليات التدقيق هذه في المقام الأول بين صيف أو خريف عام معيّن حتى إبريل/نيسان من العام التالي. نتيجةً لذلك، تمّ إنتاج 27 تقرير تدقيق مالي – 14 منها تغطي البيانات المالية السنوية للوزارات، و12 تغطي البيانات المالية السنوية لمؤسسات الحكومة المركزية، وواحد يتناول البيانات المالية السنوية المجمّعة للدولة. وفي المجموع، تمّ إنجاز 27 تقرير تدقيق ورأي. وبالتوازي مع أنشطة التدقيق المالي، أجرت القطاعات المشاركة أيضاً عمليات تدقيق في الأداء والامتثال.
لماذا تمّ هذا التحوّل؟
بدأ الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في لاتفيا في النظر في إدخال تغييرات على عملية التدقيق المالي لأنَّ أحدث نتائج التدقيق المالي أشارت إلى تحسُّن جودة البيانات المالية السنوية التي تعدّها الوزارات ومؤسسات الحكومة المركزية. على سبيل المثال، استقرَّ عدد الآراء غير المعدّلة الصادرة عن الجهاز بشأن دقّة البيانات المالية السنوية، كما استقرّ عدد تقارير التدقيق التي لم يحدّد فيها الجهاز أي قصور في إعدادها. وفي كل عام على مدى السنوات الثلاث الماضية، كشفت حالة واحدة أو حالتين فقط من أصل 26 رأياً عن أخطاء كبيرة أو حدود نطاق في البيانات المالية السنوية، حيث تعذّر تحديد مقدار الخطأ بدقّة. وفي المتوسط، في 63% من الحالات، لم يحدّد المدققون أي مشكلات تتطلّب الإدراج في تقرير تدقيق (تقارير التدقيق معدّة بدون نتائج). وكانت هذه التحسينات ناجمة عن التعاون بين الوزارات، ومؤسسات الحكومة المركزية، والجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في لاتفيا. ويتم تصحيح أو معالجة نحو 95% من الأخطاء التي يحدّدها المدققون أثناء عملية التدقيق المالي، ومن المتوقع أن تستمر هذه الممارسة.
علاوةً على ذلك، اتّخذت خزينة الدولة ومؤسساتها سلسلة من الإجراءات على مدى السنوات العديدة الماضية لتنفيذ الكثير من التوصيات المهمة مثل: تعزيز الإطار التنظيمي من خلال اعتماد جزء كبير من المعايير المحاسبية الدولية للقطاع العام، وتحسين عدد العمليات التي تشكّل شرطاً مسبقاً لنظام رقابة داخلية حسنُ التنظيم والإعداد السليم للبيانات المالية السنوية. وتنفّذ الخزينة أيضاً مشروعاً لمركزية المحاسبة في مؤسسات الدولة.
كما انخفض عدد التوصيات المقدمة في عمليات التدقيق المالي في السنوات الأخيرة. وفي إطار تقييمه للبيان المالي السنوي لعام 2021، أصدر الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في لاتفيا 20 توصية للتحسين، وفي عام 2022، قدّم 21 توصية. ويُعدُّ هذا الرقم صغيراً نسبياً مقارنة بالفترة الممتدة بين عامي 2016 و2020، عندما جرى إصدار 180 توصية على مدى الفترة بأكملها.
كما أظهرت التجارب الدولية أنَّ مركزية وظيفة التدقيق المالي ضمن وحدة واحدة من جهاز أعلى للرقابة المالية والمحاسبة من شأنها أن تؤدّي إلى نتائج إيجابية، بما في ذلك تحسين الاتّساق والكفاءة.
وحدّدت الوقائع المذكورة أعلاه الأسس التي دفعت الجهاز في لاتفيا إلى مراجعة نهجه في إتمام عمليات التدقيق المالي والارتقاء به إلى المستوى الأمثل، بهدف تحقيق صحّة البيانات المالية السنوية باستخدام مدخلات أقل من الموارد، وتالياً إعادة توجيه الموارد الموفّرة نحو التدقيق في الأداء.
كيف جرى تنفيذ التغييرات؟
من الناحية الرسمية، استمرّت العملية برمتها من يونيو/حزيران 2022 إلى مايو/أيار 2025؛ ولكن على المستوى العملي، بدأت العملية في وقت سابق بفترة طويلة بإجراء دراسات الجدوى والمناقشات والتقديرات.
وخلال الفترة من يونيو/حزيران 2022 إلى مايو/أيار 2025، كان من الضروري تعديل قانون مكتب تدقيق الدولة، ومن ثمّ إجراء تعديلات مقابلة على القوانين التنظيمية الداخلية. وبشكل عام، كان من الضروري:
(1) تغيير نهج التدقيق، والذي تضمّن مراجعة مستويات الماديّة والضمان، بالإضافة إلى تغيير الطريقة التي يتمّ بها تحديد نطاق التدقيق؛
(2) تحسين عملية التدقيق نفسها إلى الحد الأمثل، والتي تتضمّن إضفاء الطابع المركزي على أكبر عدد ممكن من خطوات التدقيق وإجراءاته، وتوحيد برامج التدقيق؛
(3) تنفيذ التغييرات الهيكلية، بما في ذلك تناوب الموظفين وتخصّصهم.
وكجزء من تحسين عملية التدقيق، جرى تكريس جهود كبيرة لتوحيد برامج التدقيق وتطوير حلول تحليل البيانات المؤتمتة. وشُكِّلت العديد من مجموعات العمل الداخلية التي تتألّف من مدقّقي الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في لاتفيا، والتي بلغت ذروتها في تطوير ثمانية برامج تدقيق موحّدة وسبع أدوات لتحليل البيانات بصورة مؤتمتة. كما جرى شراء ثلاث أدوات تدقيق من مطوّر برامج خارجي. ويمثّل هذا خطوة مهمّة نحو ضمان عمل الفريق وفقاً لنهج موحّد والتعامل مع حجم أكبر من البيانات.
وكان الإصلاح الهيكلي للجهاز بالمقدار نفسه من الأهمية، حيث جرى دمج الهيكل السابق المكوّن من 13 قطاعاً مشاركاً في عمليات التدقيق المالي في دائرة واحدة تتألّف من ثلاثة قطاعات، وتعمل كمجموعة موحدة للتدقيق المالي. وفي حين كان 93 موظفاً، بمن فيهم المدققون والإدارة، يشاركون سابقاً في عمليات التدقيق المالي، سواء جزئياً أو كلياً، وعلى مستويات مختلفة، بما في ذلك على مستوى الإدارة، يشارك حالياً 31 موظفاً متفرّغاً، بمن فيهم أربعة في أدوار إدارية.
الدروس المستفادة
ستتولّى عمليات التدقيق المالي دائرة واحدة تتألّف من ثلاثة قطاعات، وستعمل كمجموعة تدقيق موحّدة واحدة. وعند الانتهاء من التدقيق، سيتمُّ إعداد تقرير واحد يتضمّن أيضاً الرأي. لقد تعلّمنا ما يلي:
- الوقت مهمّ. تتطلب التغييرات الكبيرة في الهيكل التنظيمي والعمليات وقتاً لتنفيذها بفعاليّة، إذ إنّها لا تتضمن تعديلات إجرائية فحسب بل أيضاً تحوّلات في العقلية والأدوار وممارسات التعاون عبر المؤسسة. إلى ذلك، تؤثّر هذه التغييرات على أصحاب المصلحة الخارجيين وتتطلب المواءمة بينهم، بما في ذلك الحاجة إلى تعديلات تشريعية ــ وهي عملية تستغرق وقتاً طويلاً بطبيعتها.
- الموظفون مهمّون. من الأهمية بمكان التواصل مع الموظفين بصراحة وتقديم تفسيرات شاملة بشأن التغييرات المقبلة لمنع عدم اليقين وسوء الفهم. ومن خلال معالجة المخاوف وتعزيز الحوار الشفّاف، يمكننا ضمان أن يكون الجميع على الموجة نفسها، من أجل القيام في نهاية المطاف بتقليص عدد الموظفين المؤهلين الذين قد يتركون المؤسسة في حالة من عدم اليقين. وكانت على المستوى نفسه من الأهمية المشاركة النّشطة للموظفين في الجوانب العملية للتحوّل. وبفضل مشاركتهم في الأنشطة، مثل توحيد برامج التدقيق، تمكّن الموظفون من فهم الغرض من التغييرات وقبولها بشكل أفضل، والتعرّف على الفوائد التي قد تأتي بها هذه التغييرات. والموظفون أصحاب الخبرة هم أهم ما نملك، وستؤدّي معرفتهم وخبراتهم دوراً رئيسياً في اجتياز هذا التحوّل بنجاح.
- الموارد مهمّة. من خلال تنفيذ التغييرات، يمكننا تخصيص المزيد من الموارد للتدقيق في الأداء والامتثال واستخدام موارد التدقيق المالي بشكل أكثر كفاءة.
- الابتكار مهمّ. يعدُّ توحيد معايير برامج التدقيق وتطوير حلول تحليل البيانات المؤتمتة خطوة مهمة إلى الأمام في تعزيز الكفاءة والدقّة. وهي تضمن إمكان تدقيق الأحجام الكبيرة بشكل أكثر فعاليّة مع الحفاظ على الاتّساق، مما يسمح لجميع الفرقاء بالعمل وفقاً لنهج موحّد. ولا يبسّط هذا التحديث العملية فحسب، بل يعزّز أيضاً الجودة الشاملة لعمليات التدقيق.
وشرعنا في هذا التحوّل الصعب مع إطلاقنا فصلاً جديداً في الأول من مايو/أيار من هذه السنة، أي عام 2025. ولكن ما يبقى مؤكداً هو التزامنا القوي بالتقدّم وتحقيق قيمة أكبر من خلال عملنا لصالح المجتمع.