مشاركة المواطنين في رصد قرارات محكمة الحسابات الفيدرالية: الطريق إلى الشفافية والكفاءة في الإدارة العامة
من إعداد: كلاوس نوغويرا، مدقق في وحدة التدقيق المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات التابعة لمحكمة الحسابات الفيدرالية البرازيلية
المقدمة
في عام 2023، أصدرت محكمة الحسابات الفيدرالية البرازيلية، وهي الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في البرازيل، 137 قراراً تضمَّن مداولات وحداتها القضائية. وأسفرت هذه القرارات عن 1,110 بنداً خاضعا للرصد، بما في ذلك القرارات والتوصيات. ويعتبر رصد تنفيذ هذه المداولات وأثرها عملية لا تقل أهمية عن عمليات التدقيق نفسها، وهي تتطلب جهداً كبيراً من الموارد العاملة في المحكمة.
وفي هذا الصدد، من الضروري أن تستفيد المحكمة من قوة ودعم مشاركة المواطنين في هذه المهمة لتعزيز إجراءات الرصد وتأهيلها بشكل كبير من خلال إشراك المواطنين في أنشطة الرقابة.
وعلى مدى السنوات الماضية، سعت المحكمة إلى تنفيذ استراتيجيات وآليات لمشاركة المواطنين في الرقابة الخارجية، مسترشدة بالإنتوساي ومجموعة الأجهزة العليا للرقابة المالية العامة والمحاسبة بدول أمريكا اللاتينية والكاريبي (الأولاسافس). وقد أقرّت هذه المؤسسات بأن مشاركة المواطنين أمر أساسي لتحسين الإدارة العامة والجودة المؤسسية. لذلك شجعت الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة على التفاعل مع الجهات الفاعلة الخارجية المهتمة بتعزيز المشاركة النشطة للمجتمع المدني، على النحو المنصوص عليه في إعلان أسنسيون للأولاسافس لعام 2009، وإعلان بونتا كانا للأولاسافس لعام 2016.
محكمة الحسابات الفيدرالية البرازيلية تستكشف خيارات مبتكرة لإشراك المواطنين في رصد القرارات
في عام 2018، وفي إطار مسابقة داخلية للأفكار الرقابية المبتكرة، مُنِحَ المقال المعنون “الرقابة الاجتماعية لمداولات محكمة الحسابات الفيدرالية” جائزة لاقتراحه أن يُتاح للمجتمع نظام تشاور لمداولات المحكمة غير السريّة، على صفحة على الإنترنت. وكان من شأن هذا النظام أن يسمح بإجراء مشاورات موحدة وفقاً لمعايير مختلفة، بما في ذلك الوظيفة الحكومية، والوكالة، والموضوع، وحالة الامتثال، والتاريخ، والعملية، إلخ. وعلى سبيل المثال، كان الاستعلام عن المداولات غير المراقبة لوكالة معيَّنة ليؤدي إلى توجيه جميع القرارات والتوصيات المعلَّقة إلى تلك الوكالة، مع الإشارة إلى العملية والقرار الذي يؤيدها. ورغم عدم تنفيذ هذا الاقتراح، فقد أثار مزيداً من النقاش بشأن السبل التي يمكن بها للمحكمة أن تشرك المواطنين في الرصد.
وكان من شأن توفير هذه المعلومات في نظام عام وسهل الاستعمال أن يساهم في زيادة شفافيَّة إجراءات المحكمة، فضلاً عن السماح لمنظمات المجتمع المدني بممارسة الرقابة الاجتماعية اللازمة، وحتى مساعدة الرقابة الخارجية في رصد المداولات.
إلى ذلك، كان من شأن توفر هذه المعلومات بشكل مفتوح أن يسمح للباحثين ومنظمات المجتمع المدني بإجراء تحليلاتهم لمجموعة بيانات التداول، باستخدام عمليات تكنولوجية مثل تقنيات استخراج البيانات والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، من بين أمور أخرى، بهدف إنتاج المعرفة عن خصائص المداولات مع معدلات تنفيذ أعلى أو أدنى، وتالياً الاندماج مجدداً في نظام الرقابة الخارجية.
محكمة الحسابات الفيدرالية البرازيلية تضع مراسيم متعددة لتوجيه نُهُج مشاركة المواطنين
تماشياً مع هذا النهج المتَّبع إزاء مشاركة المواطنين، نشرت محكمة الحسابات الفيدرالية في عام 2018 أيضاً المرسوم 345/2018 الذي حمل الموافقة على دليل “محكمة الحسابات الفيدرالية والرقابة الاجتماعية”، والذي يهدف إلى وضع مبادئ توجيهية عامة للتفاعل مع الرقابة الاجتماعية، بالإضافة إلى توفير أساس لوضع استراتيجية شراكة مع المجتمع لمراقبة الإدارة العامة. وتوقعت هذه الوثيقة إمكان مساعدة منظمات المجتمع المدني في رصد إجراءات الجهات الخاضعة للتدقيق للامتثال لتقارير التدقيق. وبالاقتران مع الاهتمام الإعلامي، يمكن لهذا الرصد أن يضغط على الجهات الخاضعة للتدقيق لاتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة. وفي عام 2023، وضع مرسوم Segecex رقم 24 المبادئ التوجيهية بشأن مشاركة المواطنين، مما شكَّل خطوة هامة نحو تعميق التفاعل بين المحكمة والمجتمع. وأقرَّ هذا المرسوم بأهمية مشاركة المواطنين في عملية التدقيق في الإدارة العامة ومراقبتها، وشجَّع على التعاون وتبادل المعلومات.
ومن خلال هذه المبادئ التوجيهية، لا تهدف المحكمة إلى إعلام السكان وتوعيتهم بشأن حقوقهم وواجباتهم في التدقيق في الموارد العامة فحسب، بل أيضاً إلى فتح قنوات للمواطنين للمساهمة بنشاط في عملية الرقابة.
وفي ما يتعلق بمرحلتي الإبلاغ والرصد، وضع المرسوم Segecex رقم 24 مبادئ توجيهية لوضع نسخ مبسَّطة من التقارير التي تهم المواطنين وإشراك الجهات المعنية بمشاركتهم في رصد القرارات.
وأخيراً، أقرَّ إعلان ليما لعام 2024، الصادر عن فريق عمل الإنتوساي المعني بمشاركة المواطنين والتفاعل مع المجتمع المدني، بالمشاركة النشطة للمواطنين والمؤسسات كعامل حاسم لزيادة نطاق التدقيق في القطاع العام وتأثيره.
محكمة الحسابات الفيدرالية البرازيلية تطوِّر إطاراً ومنصَّة رقميَّة للرصد التشاركي للمواطنين
استناداً إلى توجيهات مؤسستين رئيسيتين هما الإنتوساي والأولاسافس، ومع إنشاء إطار تنظيمي داخلي من خلال المبادئ التوجيهية لمشاركة المواطنين، سعت المحكمة إلى تحقيق مشاركة المواطنين في الرقابة. في هذا السياق، جرى تنفيذ بعض الأعمال بالتعاون مع الرقابة الاجتماعية، مثل فريق العمل المعني بالمواطنين 2021، والتي قام فيها مواطنون متطوعون، تلقوا تدريباً على أيدي مدققين من وكالات الرقابة، بتقييم الشفافيَّة السلبية والنّشطة لبوابات الشفافيَّة في البلديات.
وكشفت النتائج عن غياب واضح للبيانات، مما يصعِّب على وكالات الرقابة والمجتمع الرصد من خلال الرقابة الاجتماعية. وفي الحالات التي ظهرت فيها أدلَّة على حدوث مخالفات، تمَّ إخطار السلطات المختصة باتخاذ الإجراءات المناسبة، مما أدّى إلى فرض غرامات أو الاستبعاد من الوظائف العامة.
ولا يزال المشروع نشطاً، وفي عام 2023، نظَّم المرسوم Segecex رقم 24 الهيكل المستخدم في فريق العمل المعني بالمواطنين باعتباره النموذج المؤسسي الذي ينبغي أن تتبعه محكمة الحسابات الفيدرالية.
وفي سياق آخر، جرى تطوير منصة خدمات رقمية هي Conecta-TCU، بهدف توفير التفاعل مع المحكمة، والسماح بالوصول إلى المعلومات، وخدمة التواصل الإجرائي. وتتكوَّن المنصة من عدة وحدات قيد التشغيل الفعلي، مخصَّصة للوكالات والجهات التي تتلقى قرارات المحكمة، وستسمح وحدة المواطنين، المقررة لعام 2025، بالوصول إلى بيانات كل من العناصر القابلة للرصد للمداولات.
ومع إمكان الحصول على معلومات موحدة عن جميع القرارات الصادرة عن المحكمة في مكان يسهل الوصول إليه، سيحقق المجتمع المدني المنظم مزيداً من الشفافيَّة والمساءلة. وسيمكِّنهم هذا الوصول من رصد الإجراءات الحكومية بفعالية أكبر، وتأييد تحسين ممارسات الحوكمة، والمساهمة في مساءلة الموظفين العموميين عن قراراتهم ونفقاتهم.
تسعى محكمة الحسابات الفيدرالية في الوقت الراهن إلى التعاون مع الجهات التي تُعنى بالبيانات العامة والرقابة الاجتماعية لتحديد فجوات المعلومات في تواصل المحكمة مع المجتمع. ومن المتوقع أن يسفر هذا النهج عن توفير معلومات واضحة وميسَّرة، وإيجاد آليات تيسِّر التفاعل بين المحكمة والمواطنين.
الخلاصة
يُعتبر رصد قرارات محكمة الحسابات الفيدرالية بمشاركة نشطة من المواطنين أمراً بالغ الأهمية لتقوية الديمقراطية وتعزيز إدارة عامة أكثر شفافيَّة وكفاءة وخضوعاً للمساءلة. وتشكِّل المبادئ التوجيهية بشأن مشاركة المواطنين، والاعتراف بالرقابة الاجتماعية بوصفها عنصراً مكمِّلاً أساسياً لعمل وحدة المحكمة، والجهود الدولية مثل إعلان ليما خطوات هامَّة في هذا الاتجاه.
علاوةً على ذلك، يمكن أن يوفر تنفيذ الرصد التشاركي للمواطنين لنتائج التدقيق من جانب الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة أو منظمات التدقيق رؤى قيِّمة لتحسين الثقة العامة، وتعزيز المساءلة، وتحفيز ممارسات حوكمة أكثر فعاليَّة على الصعيد العالمي. وينطوي تبنّي مشاركة المواطنين في عمليات التدقيق على إمكان تعزيز آليات الرقابة الديمقراطية وتحسين الجودة الشاملة لجهود تدقيق القطاع العام وتأثيرها في جميع أنحاء العالم.
ومن خلال تشجيع مشاركة المواطنين وتيسيرها، فإنَّ محكمة الحسابات الفيدرالية لا توسِّع نطاق قراراتها وفعاليتها فحسب، بل تساهم أيضاً في بناء مجتمع أكثر استنارةً وانخراطاً وقادرٍ على ممارسة دوره في مراقبة الإدارة العامة.