تنفيذ التوصيات وتحديد أثر عمليات التدقيق: وجهات نظر من المكتب الوطني للتدقيق في مالطا
من إعداد: السيدة تانيا ميرسييكا، مساعدة المدقق العام
كيف تضع الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة التوصيات من خلال عملية التدقيق؟
تتمثَّل مهمة المكتب الوطني للتدقيق في مالطا في المساهمة في تعزيز المساءلة والملاءمة وأفضل الممارسات في العمليات الحكومية. ويتم تحقيق هذه المهمة باستمرار من خلال عدد كبير من عمليات التدقيق الخاصة بالامتثال أو المالي أو الخاصة بالأداء أو التحقيق في مختلف الوزارات والإدارات والجهات الحكومية.
ويتمُّ وضع التوصيات من خلال عملية تدقيق منهجية، تبدأ بالتخطيط الشامل للتدقيق لتحديد مجالاته، استناداً إلى المخاطر في المقام الأول. وخلال العمل الميداني، تقوم فرقاء التدقيق بجمع الأدلَّة بطرق مختلفة، بما في ذلك المقابلات، ومراجعة الوثائق، وتحليل البيانات. ويتم بعد ذلك تحليل هذه الأدلَّة بدقَّة للكشف عن نقاط الضعف أو عدم الكفاءة أو عدم الامتثال للقواعد والأنظمة ذات الصلة. واستناداً إلى النتائج المنبثقة عن عمليات التدقيق هذه، يصوغ المكتب توصيات واقعية وقابلة للتنفيذ وعملية تهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية وتحسين العمليات.
وقبل نشر هذه التوصيات رسمياً، فإنَّها تخضع للمصادقة الداخلية، والتي تشمل في المقام الأول مراجعة الإدارة والإدارة العليا. وتُجرى أيضاً مشاورات مع أصحاب المصلحة ذوي الصلة عبر تقديم رسالة إدارة لإبداء ملاحظاتهم، حيث أنَّ مسؤوليتهم النهائية تقضي بتنفيذ التوصيات في أقرب وقت ممكن. وتشكِّل هذه التقارير أدوات أساسيَّة لإعلام صانعي السياسات والجهات / الإدارات الخاضعة للتدقيق، فضلاً عن عامة الجمهور، بالمجالات التي تتطلَّب اهتماماً وتحسيناً داخل الحكومة.
كيف يتابع المكتب الوطني للتدقيق في مالطا الوكالات الخاضعة للتدقيق ويتراسل معها لتتبُّع تنفيذ التوصيات؟
بعد نشر التقرير السنوي للمكتب عن الأموال العامة، تضطلع مديرية أعمال الحوكمة، التي تعمل تحت إشراف مكتب الأمين الدائم الرئيسي، بدور أساسي في مراجعة التوصيات التي سلّط عليها الضوء التقرير السابق. كما تقيم اتصالات قوية مع كل وزارة ذات صلة، وتجبرها على تقديم معلومات عن الإجراءات المتَّخذة أو المزمع اتّخاذها استجابةً لكل توصية. ويجري تكليف الوزارات بتنفيذ توصيات المكتب الوطني للتدقيق المقبولة في غضون 90 يوماً. ثمَّ يجري نشر تقرير بعنوان “تقرير أعمال الحوكمة عن توصيات المكتب الوطني للتدقيق بشأن الأموال العامة” لهذا الغرض.
ويعتمد المكتب من جانبه عملية متابعة منهجية لرصد تنفيذ الجهات الخاضعة للتدقيق للتوصيات، بما يضمن المساءلة وتتبُّع التقدم المحرز مع الوقت. وفي إطار عملية المتابعة، يشير المكتب إلى تقرير أعمال الحوكمة ويتابع الإجراءات المبلغ عنها. كما تُجرى عمليات تفتيش مستقلة. ومن خلال هذه العملية الصارمة، يعزِّز المكتب فعاليّة العمليات الحكومية وكفاءتها، مع تحميل الجهات الخاضعة للتدقيق المسؤولية عن معالجة نقاط الضعف المحدّدة وتحسين العمليات الحكومية.
ويضع المكتب الوطني للتدقيق تقرير متابعة يتضمَّن معلومات عن تنفيذ التوصيات، ويحتوي على تفاصيل التقدم الذي تحرزه الجهات الخاضعة للتدقيق، ومستويات التنفيذ، والتحديات التي تمّت مواجهتها، والتوصيات المتعلِّقة باتّخاذ المزيد من الإجراءات، حيثما اقتضى الأمر ذلك. وتعمل هذه التقارير على توفير الشفافيّة والمساءلة في عملية المتابعة.
وتشير تقارير المتابعة التي أصدرها المكتب الوطني للتدقيق خلال السنوات الأربع الماضية إلى أنَّ 81% من التوصيات، في المتوسط، قد نُفِّذت جزئياً أو كلياً، أو كانت في طور التنفيذ من جانب الوزارات والجهات المعنية، في ما يتعلق بجميع عمليات التدقيق الواردة في المنشورات ذات الصلة.
كيف تحدِّد الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة تأثير تنفيذ التوصيات على تحسين البرامج الحكومية؟
يضمن المكتب الوطني للتدقيق بصفته حارساً للشفافيّة والمساءلة ترجمة التوصيات إلى خدمات معزَّزة للمواطنين المالطيين، لاسيّما عندما يتعلّق الأمر بالتدقيق في الأداء. علاوةً على ذلك، يؤدّي تنفيذ التوصيات في بعض اﻷحيان إلى تحقيق وفورات كبيرة في التكاليف، وذلك تماشياً مع اﻻلتزام اﻷساسي للمكتب بضمان استخدام أموال المكلّفين بأفضل طريقة ممكنة وبما يتماشى مع القواعد واﻷنظمة السائدة.
ويقيس المكتب الفعاليّة عبر إتمام عمليات تدقيق متعمّقة، وتحليل مخصَّصات الموازنة، وأنماط الإنفاق ونتائج البرامج. وفي نهاية كل عملية تدقيق، يُجري المكتب مسحاً مع أصحاب المصلحة الرئيسيين لجمع بيانات نوعية عن فائدة التدقيق المحدَّد والتوصيات المقدمة. إلى ذلك، يوفِّر الفحص الدقيق للسجلات المالية والعمليات التشغيلية ومؤشرات الأداء دليلاً ملموساً على الطريقة التي ساهمت بها التوصيات في تحسين البرامج الحكومية وضمان المساءلة وتعزيز التحسين المستمر.