تطور المجلس الفخري لمدوّنة الأخلاقيّات: تعزيز الولاية القضائيّة للجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا
من إعداد: شيرليتا نوروسيدا، تيغو ويدودو (الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا)
المقدمة
طالما كان السَّعي إلى تحقيق مستوى مرتفع من ضمان الأخلاقيّات متجذِّراً تجذُّراً عميقاً كجزء من الخدمات اليومية في المؤسَّسات العامة. وعلى الصعيد العالمي، تعتمد الإنتوساي المعيار رقم 130 من المعايير الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة بشأن قواعد السلوك المهني، الذي يؤكِّد على أهميّة تنفيذ نظام لمراقبة الأخلاقيّات ضمن الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة. ولا يلبّي النظام المتطلِّبات الأخلاقيّة فحسب، بل ينفِّذ أيضاً برامج أخرى، مثل تحديد المخاطر والتحليل والتَّخفيف والدعم التعليمي وتقييم ادعاءات سوء السلوك وحماية المشتبه بهم. وتتنافس الأجهزة في جميع أنحاء العالم على إيجاد مناخ إدارة مرضٍ وضمان الأخلاقيّات المتوقّعة بشكل استباقي. ويؤمن الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا بثبات باحترام هذه القيم.
جرى استخدام أدوات إنفاذ مختلفة للحفاظ على النزاهة عند إصدار القانون رقم 15 لعام 2006 بشأن الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا. وكان هذا القانون أساسياً في الاستحداث المبكر لمدوّنة الأخلاقيّات، والمجلس الفخري لمدوّنة الأخلاقيّات في الجهاز.
وفي عام 2007، أصدر الجهاز لائحته رقم 2 لعام 2007، والتي شملت كلّاً من مدوّنة الأخلاقيّات والمجلس الفخري لمدوّنة الأخلاقيّات. ومن المهم تعزيز بيئة مواتية من الثّقة والاحترام والعدالة. ويوفِّر الجهاز أيضاً العديد من الأدوات للإبلاغ عن الشكوك المتعلِّقة بالانتهاكات المزعومة للأخلاقيّات، مثل الاستخدام التكنولوجي لنظام الكشف عن المخالفات وتقارير الإبلاغ عن المخالفات (نوروسيدا، 2024).
وتناقش هذه المقالة تطور لائحة الجهاز الإندونيسي الخاصّة بالمجلس الفخري لمدوّنة الأخلاقيّات التي تهدف إلى تقوية الولاية القضائيّة للجهاز.
تطور المجلس الفخري لمدوّنة الأخلاقيّات
أنشئ المجلس الفخري لمدوّنة الأخلاقيّات أوّلاً بموجب لائحة الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا رقم 2 لعام 2007 بشأن مدوّنة الأخلاقيّات. وهذه الأخيرة عبارة عن مجموعة من المعايير التي تتماشى مع القيم الأساسيّة، وهي الاستقلاليّة والنزاهة والكفاءة المهنيّة. كما توضح الالتزامات والمحظورات التي يتعيّن على كل عضو مجلس إدارة ومدقّق في الجهاز الالتزام بها عند تأدية واجباتهم. والمجلس الفخري أنشأه الجهاز الإندونيسي لإنفاذ قواعد الأخلاقيّات الخاصّة به، وهو يتألّف من أعضاء مجلس إدارة الجهاز، وممارسين، وأكاديميين، ويقيِّم أي مؤشر على انتهاكات النزاهة التي قد يواجهها أعضاء مجلس الإدارة والمدقّقون لإيجاد أساس قوي للحفاظ على الولاية القضائية.
بعد ذلك، قام الجهاز بتعديل مدونّة أخلاقيّاته بشكل مستمر حسب الحاجة في عامي 2011 و2016 وأخيراً في عام 2018 من خلال اللوائح رقم 2 و3 و4 توالياً.
من ناحية أخرى، بعد عام 2007، أُخضعَ المجلس الفخري لمدوّنة الأخلاقيّات للوائح منفصلة في أعوام 2011 و2016 و2018. وهدفت التعديلات إلى التكيّف مع تطور المنظّمة واحتياجاتها. ويخضع المجلس الفخري حالياً للائحة الجهاز رقم 5 لعام 2018.
تطوَّرت لوائح المجلس الفخري لمدوّنة الأخلاقيّات لمواكبة أحدث التطوُّرات في الأخلاقيّات والتأكُّد من قدرة المجلس على الوفاء بتفويضه بشكل فعّال والمتمثِّل في الحفاظ على قيمة مجلس إدارة الجهاز الإندونيسي وموظّفيه. ويشرف المجلس الفخري حصراً على تنفيذ الواجبات والصّلاحيّات خلال جلسات مجلس الإدارة في أحدث لائحة. ومع ذلك، فقد توسَّع النطاق أخيراً ليشمل تحديد سياسة التدقيق، ووظائف الأمانة العامة، والأدوار المساندة، ومسائل أخرى تعيّن على الجهاز تقريرها. وشدَّد المجلس أيضاً على إعطاء الأولويّة لمصالح الدولة على المصالح الشخصيّة أو الجماعيّة، وهو أمر أساسيّ في الحفاظ على الولاية القضائيّة. وقد عزَّزت هذه التغييرات قدرة المجلس على دعم المعايير الأخلاقيّة وتقوية ثقافة السلوك الأخلاقيّ داخل الجهاز.
يتالّف المجلس الفخري لمدوّنة الأخلاقيّات من خمسة أعضاء وهو يتيح مساحة أكبر للمناقشة المفتوحة من الأطراف الخارجية. وشهدت اللوائح تغييراً بحيث رُفِعَ عدد الأكاديميين في المجلس من شخص واحد إلى شخصين، وجرى تخفيض أعضاء مجلس الإدارة من ثلاثة أشخاص إلى اثنين. ويجب ألّا يقلّ عمر الأعضاء، باستثناء أعضاء مجلس الإدارة، عن 50 عاماً، وهو تغيير عن الحد الأدنى السابق للسّن البالغ 35 عاماً. وتهدف هذه التغييرات في عضوية المجلس الفخري لمدوّنة الأخلاقيّات إلى اتّخاذ قرارات حاسمة وناضجة. ويتمثّل فرق آخر في تغيير مدّة تعيين أعضاء مجلس الإدارة إلى سنتين وستة أشهر، مع إمكان تجديد إعادة تعيينهم. كما لا يجوز لأعضاء مجلس الإدارة أن يكونوا أعضاء في أي حزب سياسي. ويجب ألا يشغلوا منصبين مزدوجين أو أن يكونوا موظّفين في مؤسَّسات وطنيّة أخرى تدير تمويل الدولة وشركات خاصَّة.
وتعتبر القرارات التي يتّخذها المجلس الفخري لمدوّنة الأخلاقيّات نهائيّة وملزمة، وتختلف عن اللوائح السابقة التي تحتاج إلى مصادقة في جلسة لمجلس الإدارة. كما جرى تغيير عدد أعضاء النصاب القانوني من ثلاثة إلى أربعة، ممّا يعزِّز عملية صنع القرار. وبذلك بات المجلس أقوى لناحية النظام والإدارة والأداء. ويتبع الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا أيضاً المعايير الدولية في إجراء مراقبة الجودة وضمانها للالتزام بالتّوافق الأخلاقيّ.
وتغطّي اللائحة الحاليّة التعرّض الجديد للعقوبات المفروضة على المدققّين الذين يتبيّن أنَّهم عصوا مدوّنة الأخلاقيّات وأضرّوا بالفريق أو وحدة العمل. وسيتم فرض عقوبات خفيفة عليهم بشكل مباشر، كمنعهم من أداء التدقيق لمدة عام مع فترة اختبار لمدَّة 6 أشهر. ويبدو الحكم الأحدث أكثر حزماً من اللوائح السابقة التي كانت تتضمَّن حصراً توبيخاً كتابيّاً وتسجيله في النظام. ويصنِّف العقوبات إلى خفيفة ومعتدلة وشديدة. وتُفرض عقوبة معتدلة على أي سوء سلوك فيُمنع التدقيق من سنة إلى سنتين. ويعدُّ الإعفاء لمدَّة ثلاث سنوات على الأقل أو حتى الإعفاء الدائم من العمل كمدقّقين عقوبةً صارمة. ومن المتوقَّع أن تولِّد الصيغة الجديدة شعوراً بالحزم.
وللحصول على شرح تفصيلي لتعديلات هذه اللائحة، راجع الملحق على الرابط.
إجراءات التّحقيق في انتهاكات مدوّنة الأخلاقيّات
تنظِّم لائحة الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا رقم 5 لعام 2018 أيضاً إجراءات التحقيق في انتهاكات مدوّنة الأخلاقيّات. إنَّها سلسلة من الأنشطة لتعزيز النزاهة من خلال معاقبة الجاني وتوفير تأثير رادع لمرتكبيه. وينبغي إتمام عمليات تدقيق التحقيق بهدف الكشف عن حوادث انتهاكات النزاهة المزعومة. ويُنفّذ هذا الإجراء للتّحقيق و/أو تحديد ما إذا كان قد تم إثبات انتهاكات مدوّنة الأخلاقيّات وفرض العقوبات. وفي ما يلي ملخَّص لإجراءات التحقيق التي أجراها المجلس الفخري لمدوّنة الأخلاقيّات والمفتشيّة العامّة للجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا.
جرى أخيراً إدراج إجراءات التحقيق كإحدى المكوِّنات الفرعيّة لإطار إدارة النزاهة في الجهاز الإندونيسي، والذي صدر في أوائل عام 2024. ويغطّي الإطار الاستراتيجيّات والسياسات المصمّمة للحفاظ على النزاهة داخل المؤسسة، والذي يتضمَّن تطوير ثقافة تنظيمية للنزاهة، ومنع انتهاكات النزاهة بصورة شامل وقابلة للقياس وكشفها وكبحها. كما يستوعِب جميع مكوِّنات ومبادرات إدارة النزاهة التي يجري تنفيذها حالياً و/أو التي يطوّرها الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة.
الخلاصة
يعزِّز ترسيخ ثقافة بإعطاء الأولوية للنزاهة والاستقلاليّة والكفاءة والحِسِّ المهنيّ والمساءلة، كما هو مذكور في المعيار الدولي للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة 130، فرصة دعم المبادئ الأخلاقيّة. ويجب أن يقدِّر إنفاذ الأخلاقيّات الشفافيّة والقيم الأخلاقيّة والمهنيّة لتوجيه عمليّة صنع القرار، بشكل عام وضمن الجهاز الإندونيسي. ويشكِّل تصميم نماذج النزاهة والثِّقة حجر الزاوية للعلاقات والتعاون القوي، مما يمكِّن المنظّمة من التغلب على التحديات المعقَّدة بصدقيّة ومرونة. وتُثبت القوى العاملة النّزيهة التزاماً وتحفيزاً ومواءمةً مع الأهداف الشّاملة للمنظّمة، مما يساهم في تعزيز الكفاءة والإنتاجيّة والنجاح الشامل.
ويبرز إنشاء المجلس الفخري لمدوّنة الأخلاقيّات في الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا مثابرة المؤسسة في مكافحة سوء السلوك الأخلاقي. وهو يعمل على مواءمة إرشادات الإنتوساي مع عملية رصد الأخلاقيّات. ولا يتوافق الالتزام بالنزاهة داخل المنظمة فقط مع المبادئ التوجيهيّة الأخلاقيّة التي وضعها المجلس، بل يعزِّز أيضاً دور الجهاز باعتباره حارساً موثوقاً ومسؤولاً للأموال العامة. وفي جوهر الأمر، يعتبر التآزر بين النزاهة التنظيميّة والمبادئ التي يدعمها المجلس حجر الزاوية لإطار مؤسسي مرِن وسليم أخلاقيّاً. وتواكِب اللوائح المتغيِّرة باستمرار الخاصة بالمجلس تطور السياسات الأخرى. بناءً عليه، من المحتمل جداً أن يكون هناك تعديل آخر في المستقبل المنظور على سبيل التطوير المستمر للائحة، خصوصاً بالنسبة إلى إصدار القانون رقم 20 لعام 2023 بشأن موظّفي الدولة المدنيين.
نبذة عن الكاتبين
شيرليتا نوروسيدا خريجة جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة وجامعة براويجايا في إندونيسيا. وحتّى تاريخه، نشرت شيرليتا مقالات في مجلّات أكاديميّة وأعدَّت أوراق مؤتمرات تناولت موضوعات متنوِّعة، مثل المحاسبة، والتدقيق العام، والقضايا الاقتصادية، وآثار زيادة الإنفاق المحلي، والطاقة المستدامة، والزراعة المستدامة والأمن الغذائي، والدراسات القانونية.
تيغو ويدودو يشغل حالياً منصب مفتّش إنفاذ النزاهة في المفتّشيّة العامة للجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا. وقد نال درجة الدكتوراه في إعداد الموازنة من كلية الحكومة في جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة في عام 2017.