واجبات هيئة الدولة للتدقيق في تايلاند وصلاحياتها في إصدار أمر بعقوبة إدارية

المصدر: Flag- Adobe Stock Images, 12ee12; الشعار- مكتب تدقيق الدولة في تايلاند

من إعداد: الأستاذة الدكتورة أورابين فونسوان سابيروب

جرى استلهام مفهوم هذه المادة بعنوان “واجبات هيئة الدولة للتدقيق في تايلاند وصلاحياتها في إصدار أمر بعقوبة إدارية” من أفكار بشأن نموذج فرنسي مماثل. وكتبت الأستاذة الدكتورة أورابين فونسوان سابيروب مقالاً بعنوان “مراقبة إنفاذ الموازنة والإدارة المالية من جانب الهيئات القضائيّة في نظام المالية العامة الفرنسي” بعد إنهائها الدكتوراه في جامعة باريس الثانية. وقد اعتمدت تايلند هذا المفهوم، ولكنّها عدّلته ليناسب سياق البلاد في حينها. ونظراً إلى عدم القدرة على إنشاء محكمة بسرعة وفي الوقت المناسب، اعتمدت تايلند في البداية نموذج مجلس، أو مجلس التدقيق، لإنفاذ هذه المبادئ قبل وضع نظام قضائي مماثل لنظام فرنسا في المستقبل.

ظهر مفهوم الانضباط الضريبي والمالي لأوَّل مرة في دستور مملكة تايلاند في عام 1997 الذي حدَّد جوهر القانون الدستوري المتعلّق بالتدقيق في مالية الدولة، بما في ذلك صلاحيات وواجبات مجلس التدقيق ولجنة انضباط الموازنة والانضباط المالي. وشمل ذلك تحديداً وضع معايير وأساليب للنظر في انضباط الموازنة والانضباط المالي، وتحديد الغرامات الإدارية، والفصل في المخالفات التأديبيّة والمتعلّقة بالموازنة والمالية باعتبارها الهيئة العليا.

وجرى إقرار القانون الأساسي للتدقيق في حسابات الدولة رقم 2542 (1999) الذي أنشأ مجلس التدقيق بوصفه الهيئة الإشرافية وأعلى هيئة لصنع القرار بشأن المخالفات التأديبيّة المتعلّقة بالموازنة والمالية. وكانت لجنة انضباط الموازنة والانضباط المالي مسؤولة عن جمع المسائل والنظر فيها بصورة أوليّة قبل عرضها على مجلس التدقيق لاتّخاذ إجراءات تأديبيّة بشأنها. ووفقاً للوائح المجلس المتعلِّقة بالانضباط في مجال الموازنة والمالية في عام 2001، حُدِّدَت العقوبات المفروضة على من تثبت إدانتهم بارتكاب مخالفات تأديبيّة في الموازنة والمالية على أربعة مستويات على النحو التالي:

  1. عقوبة الدرجة الأولى: غرامة لا تتجاوز راتب شهر واحد،
  2. عقوبة الدرجة الثانية: غرامة تعادل راتب شهرين إلى أربعة أشهر،
  3. عقوبة الدرجة الثالثة: غرامة تعادل راتب خمسة إلى ثمانية أشهر،
  4. عقوبة الدرجة الرابعة: غرامة تعادل راتب تسعة إلى اثني عشر شهراً.

وتهدف هذه العقوبات إلى أن تكون متناسبة مع طبيعة كل جريمة، وتكون العقوبة القصوى غرامة تعادل ما لا يزيد على راتب اثني عشر شهراً.

Picture 1
ألقت مفوضة هيئة الدولة للتدقيق الأستاذة الدكتورة أورابين فونسوان سابيروب محاضرتها الخاصة في المنتدى السابع للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة ذات المهام القضائية خلال الفترة من 16 إلى 17 أكتوبر / تشرين الأول 2023 في بانكوك.

بعد إصدار دستور مملكة تايلاند في عام 2007، جرى تغيير مصطلح “انضباط الموازنة والانضباط المالي” إلى “الانضباط المالي والضريبي والخاص بالموازنة”. ونصَّ هذا التعديل على سنِّ قوانين مالية وضريبية للدولة لوضع إطار للانضباط المالي وانضباط الموازنة. ومع ذلك، حتى اليوم الأخير من سريان هذا الدستور، لم يكن البرلمان قد سنَّ أي قانون مالي وضريبي للدولة.

وخلال تلك الفترة، جرى توسيع تعريف الانضباط المالي والضريبي ليشمل “المبادئ المتعلّقة بالتخطيط المالي في المدى المتوسط، وإدارة الإيرادات، والمبادئ التوجيهية لإعداد موازنة نفقات الدولة، والإدارة المالية وإدارة الأصول، والمحاسبة، والأموال العامة، وتكبُّد الديون أو العمليات التي تربط أصول الدولة أو التزاماتها المالية، ومعايير تخصيص احتياطيات الطوارئ أو الاحتياطيات الضرورية، وغيرها من الأنشطة ذات الصلة. وكان من المفترض أن تشكِّل هذه إطاراً لإدارة الإيرادات ومراقبة الإنفاق على أساس مبادئ الاستقرار والتنمية الاقتصادية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بهدف توسيع صلاحيّة لجنة الانضباط المالي والضريبي في الفصل في الإجراءات المالية لمسؤولي الدولة.

ينصُّ دستور مملكة تايلاند لعام 2017 على أنّه يتعيّن على الدولة الحفاظ بدقّة على الانضباط المالي والضريبي لضمان استقرار الوضع المالي والضريبي للدولة واستدامته وفقاً لقانون الانضباط المالي والضريبي للدولة. وقد أدّى ذلك إلى سنِّ قانون الانضباط الضريبي والمالي للدولة لعام 2018 الذي يغطّي إطار العمليات المالية وعمليات الميزانية للدولة، والانضباط المالي في ما يتعلّق بالدخل والنفقات (الموازنة والأموال الخارجة عن الموازنة على السواء)، وإدارة أصول الدولة والخزانة، وإدارة الدين العام. ويعتبر هذا القانون بمثابة مبدأ للحفاظ على الاستقرار المالي والضريبي للدولة وتقليل مخاطر النفقات التي لا تحقِّق فوائد مستدامة أو تؤدي إلى ديون مفرطة للبلاد. إلى ذلك، ينصُّ القانون على أنَّه في حالات المخالفات التأديبيّة المالية والضريبية من جانب الدولة على النحو المحدد فيه، يجب فرض العقوبات الإدارية وفقاً للقانون الدستوري المتعلِّق بالتدقيق في حسابات الدولة، وهو قانون تدقيق الدولة لعام 2018. وألغى هذا القانون لجنة الانضباط المالي وانضباط الموازنة ولكنَّه احتفظ بصلاحية مجلس التدقيق لفرض عقوبات إدارية، واقترح المدقق العام عقوبات إدارية تشمل ما يلي:

  1. العقاب التأديبي،
  2. والتوبيخ العلني،
  3. والغرامات الإدارية.

وفي إطار النظر في العقوبات الإدارية، تأخذ هيئة الدولة للتدقيق في الاعتبار شدّة السلوك الذي يشكِّل الجريمة والأضرار الناجمة عن هذه الأعمال. ولا يجوز أن تتجاوز الغرامة الإدارية المفروضة ما يعادل قيمة اثني عشر شهراً من راتب الشخص الخاضع للعقوبة. ويمكن الطعن في هذه القرارات أمام المحكمة الإدارية العليا في غضون تسعين يوماً من تاريخ استلام الأمر.

وتسمح عملية النظر في العقوبات الإدارية للأطراف المعنية بالاحتجاج والاعتراض وتقديم أدلَّتها، مع الالتزام بمبادئ الاستئناف وإلغاء الحكم. ووضعت هيئة الدولة للتدقيق معايير وأساليب للنظر في الجرائم الضريبية والمالية للدولة وفقاً للوائح الهيئة بشأن الفصل في الجرائم المالية والضريبية للدولة لعام 2019، بما يتماشى مع الحق في محاكمة عادلة. ويشمل ذلك ضمان إتمام الإجراءات في غضون فترة معقولة، وإبلاغها علناً، ومراقبة الجودة، والحكم عليها بنزاهة.

علاوةً على ذلك، يضمن التدقيق في حسابات الدولة في تايلاند استقلاليّة مسؤوليها (وفقاً لمبدأ استقلالية أعضاء الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة)، ويضمن حرية الوصول إلى المعلومات، ويمنع المحاكمة المزدوجة (وفقاً لمبدأ عدم تراكم العقوبات). وينصُّ القانون الأساسي المتعلّق بالتدقيق في حسابات الدولة لعام 2018 أيضاً على تعليق الإجراءات المتعلّقة بالجرائم التأديبية المالية والضريبية للدولة في حال وفاة المتهم، أو في حالة عدم استكمال الإجراءات المتعلّقة بالمخالفات التأديبيّة المالية والضريبية للدولة في غضون خمس سنوات من تاريخ ارتكاب الجريمة، مع التمسُّك بمبدأ الفترة المعقولة.

وتستند جميع هذه العمليات المتعلِّقة بالنظر في الجرائم التأديبيّة المالية والضريبية للدولة إلى أحكام قانونية، وفقاً لمبدأ الأساس القانوني لنظام المسؤولية. ولا يمارس مجلس التدقيق أي صلاحيّة تتجاوز ما هو تشريعي.

وتبيّن هذه الممارسات امتثال تايلند لمبادئ INTOSAI P-50، مع انعكاس بعض الجوانب بوضوح في القوانين المتعلّقة بالتدقيق في حسابات الدولة، في حين تتجسَّد جوانب أخرى في القوانين العامة المطبّقة أيضاً. ومن المأمول أن تشكل هذه المبادئ خطوة هامة في مراقبة الانضباط المالي والضريبي للدولة ومراجعته، بحيث يحدث تطوّر من منظمة مستقلّة إلى جهة أقرب إلى الجهات القضائية في المستقبل.


عن الكاتبة:

 تعمل الأستاذة الدكتورة أورابين فونسوان سابيروب حالياً كمفّوضة لهيئة الدولة للتدقيق في تايلند. وبفضل خلفيتها الأكاديمية التي تشمل بكالوريوس في القانون، وماجستير في القانون، وماجستير متخصِّص في القانون المالي والضريبي، وشهادة متقدِّمة في القانون المالي، ودكتوراه في القانون، تمتلك خبرة كبيرة في البحوث الواسعة النطاق والمنح الدراسية. وقد ساهمت بشكل كبير في التعليم القانوني والبحث كأستاذة في القانون ورئيسة قسم القانون العام في جامعة تاماسات، حيث وجَّهت جيلاً جديداً من العلماء في شأن تعقيدات القانون والسياسة المالية.

Back To Top