إغلاق حلقة التدقيق: منهجية لتتبُّع توصيات التدقيق

المصدر: صور أدوبي ستوك، فلاش فيكتور

غاي ماكلين، دكتوراه، أستاذ مشارك في التدقيق، كلية إيلس للإدارة، كلية ميلسابس، الولايات المتحدة الأمريكية(1)

المقدمة

تعدُّ عمليات التدقيق التي تؤدّيها الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة أدوات قيّمة تساعد في تحديد المخاطر، وأوجه القصور ومجالات التحسين لمجموعة واسعة من البرامج الحكومية.  وتسدُّ عمليات التدقيق هذه الفجوة بين السياسات والممارسات من خلال تقديم نتائج التدقيق في الوقت المناسب وردود فعل بنّاءة للجهات الخاضعة للتدقيق. وتتضمَّن هذه الملاحظات البنّاءة توصيات تهدف إلى تعزيز الأداء وتنفيذ التوصيات لضمان استيفاء السياسات و/أو المعايير.  ويعتبر هذا الإغلاق لحلقة التدقيق خطوة أساسية ونهائية في عملية التدقيق.

غير أنَّ إغلاق حلقة التدقيق قد يكون أقل فعاليَّة إذا لم تقم الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة بتتبُّع حالة تنفيذ توصيات التدقيق.  في الواقع، يحدّد المبدأ 12 للمعايير الدولية لأجهزة الرقابة المالية قيمة الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة ومنافعها، ويبرز أهمية تتبُّع توصيات التدقيق (المبدأ 1) والإبلاغ عنها (المبدأ 3). (2)ويعزّز التتبُّع والإبلاغ ثقة الجمهور من خلال توفير الشفافيّة في العمل الذي تؤدّيه الأجهزة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تستخدم الأجهزة معلومات التتبُّع داخلياً لقياس الأداء، مما يعزِّز جهودها الخاصة لمراقبة الجودة.

ووجد مسح حديث أجرته مجموعة عمل الإنتوساي المعنية بتقييم السياسات والبرامج العامة أنَّ 72% من المجيبين قد تابعوا تنفيذ توصيات التدقيق، في حين أنَّ 45% منهم فقط قد نشروا معلومات بشأن التوصيات المنفذة.(3)  لذلك يتم تنفيذ تتبُّع التوصيات بشكل عام، وإنّما من دون أن تتمَّ عادةً مشاركة النتائج.  وهذا النقص في الشفافيّة مثير للقلق نظراً إلى وجود مجموعة متزايدة من الأبحاث الأكاديمية التي تظهر التأثير الإيجابي للكشف عن التنفيذ على الرأي العام للحكومات المحلية والخدمات العامة.

منهجية لتتبُّع توصيات التدقيق

يمكن أن يؤدي إيجاد منهجية لتتبُّع تنفيذ توصيات التدقيق إلى تعزيز الشفافيّة مع الجمهور وتحسين مراقبة الجودة الداخلية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة. وتشكِّل الخطوات التالية مبادئ توجيهية عامة بما أنَّ كل جهاز أعلى سيواجه ظروفاً وتحديات فريدة. ويمكن أن تكون هذه المبادئ التوجيهية بمثابة نقطة انطلاق لصياغة طريقة تناسب الأجهزة ومؤسّساتها.

الخطوة 1: شرح توصيات التدقيق

تتمتّع الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة بمكانة تؤهّلها لامتلاك المعلومات ذات الصلة التي قد لا تتوفر لدى مديري البرامج وغيرهم من الجهات الخاضعة للتدقيق. وقد يؤدي هذا النهج المنعزل تجاه البيروقراطية الحكومية إلى سوء فهم بين الأجهزة والجهات الخاضعة للتدقيق. لذلك من الأهمية بمكان أن تشرح الأجهزة توصيات التدقيق بالتفصيل. وسيساهم إشراك الجهة الخاضعة للتدقيق في المناقشات والغوص في البيانات في ضمان فهمها الكامل للقضايا الأساسية.

ويتمثل الهدف في أن تقرَّ الجهة الخاضعة للتدقيق بأهمية التوصيات وأن يقع تنفيذها ضمن نطاق سيطرتها. من ناحية أخرى، يمكن أيضاً للجهات الخاضعة للتدقيق أن تطعن في التوصيات. لذلك ينبغي أن تكون الأجهزة مستعدة للاستجابة على النحو المناسب بتقديم المزيد من الأدلَّة أو إجراء تعديل. وستستغرق عملية التفاوض هذه بعض الوقت، ولكن إذا تخلّصت الأجهزة من التحديات التي تواجهها الجهات الخاضعة للتدقيق، واستطاعت أن تعارض التوصيات، فإنَّ حلَّ هذا النقص قد يتأخَّر أو يكون غير ملائم نظراً إلى عدم وجود حوار مفتوح بين الأجهزة والجهات الخاضعة للتدقيق لفهم توصيات التدقيق بشكل كامل.

الخطوة 2: تصنيف التوصيات تبعاً لأولويتها وتحديد الأطر الزمنية للتنفيذ

تكتسب المصادر المختلفة للنتائج قيمة متميّزة. وتُعدُّ تقييمات البرامج ومراجعات الأداء أدوات رئيسية لإدارة برامج الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، ولكنها تختلف من نواحٍ كثيرة. فعلى سبيل المثال، قد يستخدم تقييم البرامج بيانات نوعية، في حين ستستخدم مراجعات الأداء بيانات كميّة بحتة. وبغض النظر عن ذلك، في إمكان الأجهزة تصنيف التوصيات تبعاً لأولويتها استناداً إلى عوامل الخطر مثل التأثير المحتمل، والمواءمة مع الأهداف الاستراتيجية للجهات الخاضعة للتدقيق، وتكلفة التخفيف.

ويمكن أيضاً تصنيف التوصيات تبعاً لأولويتها بحسب الجداول الزمنية المختلفة المطلوبة لتنفيذ الجهات الخاضعة للتدقيق. ولا يمكن المبالغة في أهمية الجداول الزمنية. ويمكن أن يتطلّب اختيار الفاصل الزمني الصحيح للجدول الزمني توازناً دقيقاً. وكلما طالت الفترة الزمنية، زاد احتمال نسيان المعلومات. وتميل الجداول الزمنية القصيرة للغاية إلى التقليل من أهمية المسألة لأنَّ التوصيات الجادَّة قد تستغرق وقتاً طويلاً لتصحيحها. وبغض النظر عن ذلك، إذا كانت الأجهزة قادرة في حدود ولايتها على تغيير الجداول الزمنية لمتطلبات التنفيذ، فينبغي أن يكون هناك مصدر تواصل واضح مع الجهة الخاضعة للتدقيق يشجِّع على المساءلة. وفي حين أنَّكم ترغبون في التعاون مع الجهة الخاضعة للتدقيق في هذه العملية (انظر الخطوة 1)، تنقل الجداول الزمنية مسؤولية الجهة الخاضعة للتدقيق عن تصحيح توصيات التدقيق.

وإذا كان ذلك ضمن ولاية الجهاز ونطاق مسؤولياته، فيمكن أن تساهم خطط العمل في ضمان تنفيذ التوصيات. وبمجرد وضع الأجهزة توصياتها بحسب الأولوية، يمكنها أن تضمن قيام الجهات الخاضعة للتدقيق بوضع خطط عمل واضحة ومفصّلة بالاقتران مع الأجهزة والاتفاق معها لمعالجة كل قضية. وينبغي أن تتضمن خطة العمل هذه خطوات ومسؤوليات وموارد وجداول زمنية محدَّدة.

الخطوة 3: لا تصبحوا مدينين للتكنولوجيا

يمكن أن تعزّز الأدوات التكنولوجية بشكل كبير جهود التتُّبع. ويمكن أن تساعد نظم إدارة الحالات المؤتمتة الجهاز على إدارة عمليات التدقيق المتعدِّدة وتوصياتها. غير أنَّ أتمتة هذه العملية قد لا تكون متاحة إلا للأجهزة ذات الميزانيات الكبيرة والقوى العاملة الكبيرة.

ولا يتعلَّق تتبُّع توصيات التدقيق باختيار البرنامج المناسب. ويرتبط التتبُّع الفعّال بالحفاظ على مساءلة وتوقعات واضحة، وهو ما يمكن القيام به باستخدام القليل من التكنولوجيا. ويمكن إنشاء نظام تتبُّع فعّال باستخدام الحد الأدنى من التكنولوجيا مثل معالج النصوص، وجداول البيانات، والبريد الإلكتروني ونظام الملفات.

الخطوة 4: رصد التقدم من خلال ثقافة تحسين مستمر

يمكن أن تحقق الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة أقصى استفادة من توصيات التدقيق من خلال إيجاد ثقافة تحسين مستمر. وهذه الثقافة هي عملية اكتساب المعرفة وابتكارها ومشاركتها وتطبيقها لتحسين أداء الجهة الخاضعة للتدقيق. وينبغي أن تشجِّع الأجهزة الجهات الخاضعة للتدقيق على اعتبار التوصيات فرصاً للتعلم والنمو بدلاً من الانتقادات أو الإخفاقات. ويمكن أن يساهم هذا التحول الثقافي في ضمان معالجة توصيات التدقيق بشكل استباقي وفعّال.

ويتطلب ابتكار هذه الثقافة جهداً منهجياً. ويمكن تيسير الأمر بتحديد أهداف التدقيق ومؤشراته ومقاييس التقدم المحرز. وينبغي أن تكيّف الأجهزة محتوى التواصل وأسلوبه مع احتياجات الجهة الخاضعة للتدقيق وتفضيلاتها. ويكمن الهدف في تشجيع الجهة الخاضعة للتدقيق على تحمُّل المسؤولية عن توصيات التدقيق.

والرصد المنتظم ضروري لضمان أن تنفِّذ الجهة الخاضعة للتدقيق التوصيات بفعاليّة. وتتضمن هذه العملية تتبُّع التقدم المحرز وإجراءات الجهة الخاضعة للتدقيق، ومراجعة فعاليّة التغييرات المنفّذة، وتحديد أي ثغرات أو إجراءات إضافية مطلوبة لتلبية التوصيات، بحسب الحاجة. وينبغي عدم الخلط بين هذه الخطوة وعمليات تدقيق المتابعة التي قد يتعيّن على الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة تأديتها. وتتعلَّق هذه الخطوة أكثر بالتواصل مع الجهة الخاضعة للتدقيق لتقييم التقدم وتقديم الدعم.

الخلاصة

تحدِّد توصيات التدقيق المخاطر التي تواجه النجاح في إنجاز النتائج بما يتَّفق مع متطلبات السياسة والمتطلبات التشريعية، وتسلط الضوء على الإجراءات الرامية إلى التصدي لتلك المخاطر، وفرص التحسين. وباستخدام هذا الدليل المكوَّن من أربع خطوات، يمكن أن تحوِّل الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة توصياتها الخاصة بالتدقيق من تحدٍ إلى فرصة، وأن تدفع عجلة التحسين، وتعزِّز إدارة المخاطر، وتضفي قيمة على البرامج الحكومية قيد التدقيق.

الحواشي
Back To Top