تغيّر المناخ: أولوية متزايدة للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة

المصدر: الفريق العامل المعني بالتدقيق البيئي التابع للمنظمة الدولية للمؤسسات العليا لمراجعة الحسابات (الإنتوساي)

من إعداد: فيفي نيمينما، الأمينة العامة لمجموعة عمل الإنتوساي المعنية بالرقابة البيئية، المكتب الوطني للتدقيق في فنلندا

لاحظ فريق عمل الإنتوساي المعني بالتدقيق البيئي تنوعاً متزايداً في عمليات التدقيق المتعلّقة بالعمل المناخي. وبالإضافة إلى التخفيف من آثار تغير المناخ، تقوم الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة بتعزيز التكيف مع تغير المناخ والجوانب الاجتماعية بشكل متزايد. في الوقت نفسه، باتت الأجهزة في البلدان النامية أكثر انخراطاً. ويظهر أحدث مسح أجرته مجموعة عمل الإنتوساي المعنية بالرقابة البيئية أنَّ اهتمام الأجهزة بعمليات التدقيق البيئي والتدقيق في العمل المناخي مستمر في النمو.

وحدّدت المجموعة حالة التدقيق البيئي للمرة الحادية عشرة في مسوحاتها التي تجري كل ثلاث سنوات. ولا يشكِّل التدقيق البيئي موضوعاً جديداً بالنسبة إلى معظم المجيبين على المسح. فقد أجرى أكثر من نصف الأجهزة المجيبة البالغ عددها 82 عمليات تدقيق بيئية لأكثر من عشر سنوات، وغالباً ما كانت عمليات تدقيق للأداء.

ويظهر المسح الحادي عشر أنَّ شيوع عمليات التدقيق المناخي يستمر في الارتفاع. أولاً، تعتبر الأجهزة تغير المناخ القضية البيئية الأكثر إلحاحاً. ثانياً، كان التكيف مع تغير المناخ أكثر موضوعات التدقيق البيئي شيوعاً في الفترة 2021-202، تليها الزراعة والنفايات. علاوةً على ذلك، ستواصل الأجهزة في الفترة 2024-2026 إعطاء الأولوية للتكيف مع تغير المناخ، يليها التخفيف من آثاره (خفض غازات الدفيئة) والمناطق المحمية.

المصدر: الفريق العامل المعني بالتدقيق البيئي التابع للمنظمة الدولية للمؤسسات العليا لمراجعة الحسابات (الإنتوساي)

سيُجرى المزيد من عمليات التدقيق في بلدان الجنوب العالمية وفي شأن التكيف

لكن دعونا ننظر أولاً إلى الماضي. في نطاق مجموعة عمل الإنتوساي المعنية بالرقابة البيئية، بات تغير المناخ موضوعاً قائماً بحلول عام 2010. غير أنَّ معظم عمليات التدقيق التي أُجريت في ذلك الوقت كانت في الشمال العالمي، مع التركيز بشكل رئيسي على التخفيف من آثار تغير المناخ. فعلى سبيل المثال، لم يتضمن التدقيق العالمي المنسّق بشأن المناخ في عام 2010 سوى عدد قليل من حالات التدقيق المتعلّقة بالتكيف.

ومع اتّضاح آثار تغير المناخ، بدأت سياسة المناخ الدولية بالتّشديد على ضرورة التكيف مع تغير المناخ. ومع وضع سياسات وطنية للتكيف والتمويل، ازدادت أيضاً عمليات التدقيق المتعلّقة بتقييم تنفيذها. وسيؤدّي التدقيق التعاوني العالمي الجاري لإجراءات التكيف مع تغير المناخ، المدعومة بمبادرة الإنتوساي للتنمية، والتي تشمل نحو 50 جهازاً أعلى للرقابة المالية والمحاسبة، إلى زيادة عدد عمليات التدقيق المتعلّق بالتكيف. وإلى جانب مشروع عالمي رئيسي آخر، وهو “ماسح المناخ” الذي أطلقه جهاز البرازيل، سيزداد أيضاً عدد عمليات المراجعة والتدقيق في بلدان الجنوب. وفي سياق مشروع “ماسح المناخ”، لدى الأجهزة أثناء مراجعة أنشطة حكوماتها بشأن المناخ، فرصة رائعة لتحديد المزيد من موضوعات التدقيق.

شملت عمليات التدقيق مجالات سياسة كاملة وإجراءات قطاعية محدّدة

تناولت الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة إجراءات المناخ بطرق مختلفة، وغطَّت عمليات التدقيق مجالات سياسة وإجراءات قطاعية كاملة. على سبيل المثال، خصَّص الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في فرنسا تقريره السنوي الأخير للتكيف، في حين قام جهاز المملكة المتحدة بالتدقيق في أهداف الحكومة الصفرية الصافية. وشملت النُهُج الإضافية مراجعة الجهاز الكندي لتقاريره السابقة وسجل الحكومة الفيدرالية في تغير المناخ منذ عام 1998، بينما طوّر الجهاز الأمريكي إطاراً للقدرة على التكيف مع مخاطر الكوارث وطبّقه في العديد من عمليات التدقيق. غير أنّه من المعتاد أكثر التدقيق في تنفيذ الإجراءات في قطاعات محدّدة، مثل النقل أو الزراعة أو الطاقة. على سبيل المثال، يقوم العديد من الدول الجزرية الصغيرة النامية في منطقة باساي حالياً بتقييم الإجراءات الرامية إلى حماية الجزر من ارتفاع مستوى سطح البحر، في حين قام الجهاز الفنلندي بالتدقيق في التمويل الدولي للمناخ من منظور المانحين.

وفي الآونة الأخيرة، دقّقت بعض الأجهزة في الجوانب الاجتماعية المتعلّقة بتغير المناخ، مثل تنفيذ السياسات الداعمة للانتقال العادل، أي الاهتمام بأولئك الذين قد يعانون من الإلغاء التدريجي لاقتصاد الوقود الأحفوري. نتيجةً لذلك، باتت عمليات التدقيق المتعلّقة بتغير المناخ أكثر تنوعاً.

ولا تختلف الخلاصات العامة لعمليات تدقيق الأداء في قاعدة بيانات مجموعة عمل الإنتوساي المعنية بالرقابة البيئية كثيراً عن عمليات تدقيق الأداء في قطاعات السياسات الأخرى. وتدعو الأجهزة إلى تحسين إدارة المخاطر وتقييم الآثار، واتّباع نهج أكثر استراتيجية، وتنفيذ السياسات بفعالية، وتحسين الوعي بالتكاليف، وتحسين التنسيق بين القطاعات والمستويات الحكومية، فضلاً عن تحسين الرصد والإبلاغ. كما تشدّد الأجهزة على توفير معلومات أكثر شفافيّة عن احتياجات الاستثمار، والإنفاق المناخي، والضرائب، والإعفاءات الضريبية التي تؤثر سلباً على المناخ.

ولا يختلف الكثير من نتائج التدقيق المتعلّق بالعمل المناخي كثيراً عن عمليات تدقيق الأداء في قطاعات السياسة الأخرى. غير أنَّ بعض السِّمات المحدّدة لعمليات التدقيق المتعلّقة بالمناخ تشمل التطور السريع للقاعدة العلمية، وواقع ظهور مخاطر المناخ في العديد من القطاعات، والحاجة إلى اعتبارات طويلة الأجل وتقييمات للمخاطر، فضلاً عن صعوبة قياس بعض الجوانب، مثل التقدم المحرز في التكيف.

ستواصل مجموعة عمل الإنتوساي المعنية بالرقابة البيئية العمل على اتساق المناخ والسياسة

إلى جانب التدقيق المنسَّق في إجراءات التكيف مع تغير المناخ وماسح المناخ، تعمل مجموعة عمل الإنتوساي المعنية بالرقابة البيئية من خلال العلاقة بين المناخ والتنوع البيولوجي. ويبدو أنَّ المقايضات الرئيسية تظهر في مجال الطاقة المتجددة. فعلى سبيل المثال، توفر الطاقة الكهرومائية الطاقة النظيفة، ولكن كثيراً ما يكون لها عواقب سلبية على التنوع البيولوجي والمجتمعات المحلية. وسيقدم مشروع مجموعة العمل الذي يقوده الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في كندا إرشادات للأجهزة بشأن كيفية مراعاة شواغل التنوع البيولوجي في عمليات التدقيق التي تجريها بشأن العمل المناخي.

وهناك محور موضوعات آخر لمجموعة العمل يتمثّل بالاقتصاد الأخضر. ويبرز موضوع المناخ بقوة، على سبيل المثال، في الإبلاغ عن الاستدامة لأنَّ عمليات الكشف المرتبطة بالمناخ هي حالياً القوة الدافعة في مجال الإبلاغ. ويعدُّ مشروع مجموعة العمل الذي يقوده جهازا تايلاند وإندونيسيا من الموضوعات الهامّة بشكل خاص بالنسبة إلى المدققين الماليين، حيث بدأت بعض الولايات القضائية في تشريع تقارير ضمان الاستدامة.

المصدر: الفريق العامل المعني بالتدقيق البيئي التابع للمنظمة الدولية للمؤسسات العليا لمراجعة الحسابات (الإنتوساي)

توجّه نتائج المسح الحادي عشر لمجموعة العمل عملها الإضافي، وسيبقى تغير المناخ موضوعاً مطروحاً. وستؤثّر بعض النقاشات الناشئة أيضاً على العمل في المستقبل، مثل الطابع المترابط للموضوعات. فعلى سبيل المثال، هناك نقاش متزايد بشأن ما إذا كان ينبغي معالجة التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه في آنٍ معاً بشكل أكبر. وثمّة موضوع آخر يتطور في اتجاه غير مواتٍ هو عدم اتساق السياسات بين العمل المناخي والإعانات للوقود الأحفوري. وفي حين دقّقت بعض الأجهزة في هذا المجال، فمن الضروري إجراء عمليات تدقيق إضافية وتنفيذ المزيد من المشاريع العالمية التي تترك أثرها على مجتمع الأجهزة.

ترحِّب مجموعة عمل الإنتوساي المعنية بالرقابة البيئية بشدّة بتقديم تقارير التدقيق المتعلّقة بالمناخ إلى قاعدة بيانات التدقيق. يُرجى الاتصال بالأمانة العامة للحصول على مزيد من المعلومات: intosaiwgea@vtv.fi، أو زيارة www.wgea.org.

Back To Top