من إعداد: المكتب الوطني للتدقيق في الصين
المقدمة
يولي المكتب الوطني للتدقيق في الصين أهمية متساوية لكلٍّ من الكشف عن المشكلات في التدقيق وتصحيح المشكلات التي جرى تحديدها. ومن خلال التدقيق المعمَّق القائم على الأبحاث، بُذِلَت جهود استباقية لزيادة فعاليّة تدقيق المتابعة الذي يتضمّن مسؤوليات تنفيذية واضحة، وسير عمل تشغيلي، ونتائج ذات قيمة مضافة. وتهدف هذه الجهود إلى استكشاف إطار شامل لتدقيق المتابعة يجمع بين التصحيح المنتظم، ومبادرات التصحيح بحسب الموضوعات، والتصحيح المكثَّف لحالات الانتهاكات الكبرى، مما يعزِّز صدقيّة التدقيق وكفاءته وفعاليّته. وفي الفترة الممتدّة بين عامي 2021 و2023، ازداد بسرعة عدد النتائج المصحّحة للتدقيق التي توصَّلت إليها الجهات الخاضعة للتدقيق، حيث جرى وضع أو تحسين أكثر من 9,700 بنداً من بنود اللوائح، وتمَّت مساءلة نحو 27,000 شخص. ومن خلال تعزيز جهود تدقيق المتابعة، أدّى المكتب الوطني للتدقيق دوراً متزايد الأهمية في تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية لدفع عملية التحديث الصينية. ويمكن أن تُعزى الإنجازات المذكورة أعلاه إلى العوامل التالية:
إيلاء أهمية كبيرة لتدقيق المتابعة ومتطلِّباته
في عام 2018، جرى إنشاء هيئة التدقيق المركزية، كهيئة تنسيق وتداوليّة، برئاسة الرئيس الصيني شي جين بينغ. ويتولّى رئيس الحكومة الصينية لي تشيانغ وأمين اللجنة المركزية لفحص الانضباط في الحزب الشيوعي الصيني لي شي منصبي نائب رئيس الهيئة. وتعقد الهيئة اجتماعات سنوية للاستماع إلى تقارير عمل التدقيق وتعطي تعليمات في هذا الصَّدد، بما في ذلك عمليات المتابعة. وتطلب الهيئة أن تُتَّخذ تدابير حازمة للقضاء على الفساد وكذلك معالجة المشكلات القائمة منذ أمد طويل، وأن تعزِّز الجهود المختلفة المبذولة لتحقيق ذلك التآزر. ويجب تكثيف المساءلة والضوابط التنظيمية واتّخاذ المزيد من إجراءات المتابعة.
وتجري اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب، باعتبارها أعلى جهاز لسلطة الدولة في الصين، المداولات بشأن تقرير التدقيق الذي يقدَّمه المكتب الوطني للتدقيق في يونيو / حزيران من كل عام. وتحدِّد اللجنة متطلبات تدقيق المتابعة وتشرف على التقدم المحرز في تصحيح المشكلات العالقة التي جرى تحديدها من خلال التدقيق. بالإضافة إلى ذلك، تنظر اللجنة الدائمة في ديسمبر / كانون الأول من كل عام في تقرير يصدره المكتب الوطني للتدقيق عن التقدم المحرز في عمليات التصحيح.
ويعقد مجلس الدولة، بوصفه أعلى جهاز إداري، اجتماعات تنفيذية بقيادة رئيس الحكومة لمناقشة وتنسيق عمليات تدقيق المتابعة سنوياً في يوليو / تموز. ويتعيَّن على حكومات المقاطعات والإدارات المركزية الوفاء بمسؤولياتها في التصحيح، وبحلول نهاية سبتمبر / أيلول من كل عام، تبلِّغ نتائج التصحيح إلى مجلس الدولة مع نسخ إلى المكتب الوطني للتدقيق.
واستناداً إلى الخبرة المكتسبة من الممارسة السابقة، أصدرت الحكومة المركزية في يوليو / تموز 2021 تعميماً بشأن إنشاء وتحسين آليات طويلة الأجل لتصحيح المشكلات المحدَّدة في تقارير التدقيق، وكان بمثابة إطار مؤسسي أساسي لتعزيز تدقيق المتابعة.
تحسين جودة توصيات التدقيق.
أدّى تدقيق المتابعة إلى زيادة الطلب على جودة عمليات التدقيق. ومن الناحية العملية، يواصل المكتب الوطني للتدقيق تحسين منهجيات التدقيق، ودمج نهج قائم على الأبحاث في كل مرحلة من مراحل عملية التدقيق ككل. وعند النظر في نهج التدقيق كشرط أساسي مسبق، ينساب اختيار المشاريع وتنفيذها من الصورة الكبرى إلى السياسات، ومن ثمَّ إلى المشاريع، وينتهي بالأموال. وإذا ما أُخِذَ نهج التدقيق كمنهجية أساسية، يتدفَّق التحليل والتوصيات من الأموال إلى المشاريع، ومن ثمَّ إلى السياسات وصولاً إلى الصورة الكبرى. وهذا أشبه بتسلسل موضوعات ثابت يمكن أن ينساب من المستوى الأعلى إلى المستوى الأدنى وأن يتدرَّج من المستوى الأدنى إلى المستوى الأعلى في كلا الاتجاهين.
وطوال هذه العملية، يستمر المكتب في التركيز على جانبين رئيسيين. أولاً، يهدف البحث في نهاية المطاف إلى خدمة ممارسة التدقيق. ثانياً، يجب أن يكون اتّجاه التدقيق القائم على الأبحاث متوافقاً مع الصورة الكبرى والخطط الاستراتيجية ومتطلبات السياسة للحكومة المركزية في ما يتعلق بالقطاعات والمناطق والصناعات التي سيتم التدقيق فيها، وكذلك السياق التاريخي والإنمائي والتجاري للجهات الخاضعة للتدقيق. ويضمن التدقيق القائم على الأبحاث استناد نتائج التدقيق إلى حقائق وبيانات ذات أدلَّة قوية، واستناد توصيات التدقيق إلى أسس جيّدة ومدروسة ومتبصِّرة.
ويمكِّن هذا النهج المدققين من تقديم توصيات نوعية وعملية مع رؤية الصورة الكبرى، لتكون بمثابة أساس موثوق ومرجع هام لصنع القرار في الحكومة المركزية.
تحسين نظام المساءلة لتدقيق المتابعة.
بذل المكتب الوطني للتدقيق جهوداً كبيرة لإنشاء نظام شامل للمساءلة يضمُّ مختلف أصحاب المصلحة في جميع المجالات. ويشمل هذا النظام ثلاثة جوانب رئيسية:
أولاً، مسؤوليات الجهات الخاضعة للتدقيق للتصحيح. يتولى مسؤولو الجهات الخاضعة للتدقيق المسؤولية الرئيسية عن معالجة المشكلات المحدَّدة في عملية التدقيق. وهم يعطون الأولوية لتصحيح نتائج التدقيق من خلال إدراج هذا الإجراء في جدول أعمال اجتماعات القيادة والتأكُّد من أنَّ التصحيح يحدث بطريقة أصيلة وكاملة ومتلائمة.
ثانياً، المسؤوليات الإشرافية للسلطات المختصة. تقوم مؤسسة التدقيق بإبلاغ السلطات المختصة بالمشكلات التي جرى تحديدها، والتي تكون مسؤولة عن الإشراف على عملية التصحيح، وضمان تنفيذ الجهات الخاضعة للتدقيق التغييرات اللازمة. ويجري إصلاح الآليات المؤسسية لمعالجة الأسباب الجذرية للمشكلات المشتركة والناشئة.
ثالثاً، حثّ مؤسسات التدقيق ورصد مسؤولياتها. تُقسَم التوصيات التي تقدّمها مؤسسة التدقيق بعد التدقيق إلى ثلاث فئات: تلك المتعلِّقة بمسائل تتطلَّب (1) تصحيحاً فورياً، (2) مرحلياً، (3) تصحيحاً مستمراً. ويجوز لمؤسسات التدقيق إجراء تحقيقات خاصّة في مجال التدقيق للتحقُّق ممّا إذا كانت عمليات التصحيح قد حدثت وتصحيح جميع المسائل المبلغ عنها، من أجل التوصل إلى استنتاجات بشأن نتائج التصحيح.
بناء إطار شامل لتدقيق المتابعة والتأثير.
أثبتت التجارب السّابقة أنَّ الحل النهائي للعديد من نتائج التدقيق يعتمد على الجهود المشتركة لمختلف أصحاب المصلحة. ولا يمكن لجهة واحدة تحقيق ذلك. ويشكِّل التآزر من خلال تعزيز التعاون بين الجميع وسيلة فعّالة لضمان اتّباع توصيات التدقيق.
وعلى مر السنين، عزَّز المكتب الوطني للتدقيق التعاون مع لجنة الإشراف الوطنية، والمجلس الوطني لنواب الشعب، وأصحاب المصلحة، والهيئات الإشرافية الأخرى لبناء إطار شامل لتدقيق المتابعة يجمع بين التصحيح المنتظم، ومبادرات التصحيح التي تتناول موضوعات معيّنة، والتصحيح المكثَّف لحالات الانتهاكات الكبرى . ويشدِّد الإطار على التغطية الشاملة وإجراءات التصحيح المستهدفة، مع التركيز بوجه خاص على معالجة المشكلات البارزة.
وبالنسبة إلى التصحيح المنتظم، قام المكتب الوطني للتدقيق، استناداً إلى قائمة تضمُّ أكثر من 30,000 مشكلة جرى تحديدها في عمليات التدقيق على مدى السنوات الماضية، بتوزيع بلاغات التصحيح على السلطات والإدارات المحلية ذات الصلة، وطلب من الجهات الخاضعة للتدقيق الوفاء بمسؤولياتها للتصحيح. ويتعيّن على الجهات الخاضعة للتدقيق إبلاغ المكتب عن نتائج التصحيح المنتظم بحلول نهاية سبتمبر / أيلول من كل عام.
وبالنسبة إلى مبادرات التصحيح التي تتناول موضوعات معيّنة، تجري الإدارات المعنية، بالتعاون مع مؤسسات التدقيق، عمليات التفتيش والإشراف على عمليات التصحيح في إطار موضوعات مختلفة. وتشمل الأمثلة المختارة ما يلي:
- أجرى المكتب العام لمجلس الدولة عمليات تفتيش خاصَّة لفهم التقدُّم المحرز في التصحيح، مع التركيز على مشكلات مثل التصحيح غير الملائم أو غير المتوافق أو المتأخِّر.
- أشرفت لجنة الميزانية التابعة للجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب على تصحيح المشكلات المعلّقة الخاصة بديون الحكومة المحلية، ومدفوعات التحويل، والأصول المملوكة للدولة، وغيرها من المجالات، وأصدرت تقارير تداولت في شأنها اللجنة الدائمة.
- أجرى المكتب الوطني للتدقيق تحقيقات تدقيق خاصّة لفحص نتائج تصحيح أكثر من 2,170 مشكلة تم الإبلاغ عنها في السنوات الثلاث الماضية، وحدَّد بعض القضايا الشائعة مثل عمليات التصحيح غير الفعّالة والخاطئة والسطحيّة. وأصدر المكتب تقرير التحقيق في التدقيق وحثَّ الجهات الخاضعة للتدقيق على اتِّخاذ المزيد من إجراءات التصحيح. وقد تمَّ الآن حل معظم المشكلات المحدَّدة. وفي ما يتعلَّق بالتصحيح المكثَّف لحالات الانتهاكات الكبرى، أحال المكتب الوطني للتدقيق أكثر من 100 مشكلة كبيرة إلى لجان التفتيش التأديبية، وإدارات المالية، والسلطات الضريبية، وغيرها من الإدارات ذات الصلة لإجراء المزيد من التحقيقات والمساءلة على مدى العامين الماضيين، وتلقى تقارير الملاحظات المقدَّمة من السلطات المختصة بشأن التقدُّم المحرز أو نتائج التصحيح. وتمَّ استرداد أو توفير أكثر من 68 مليار يوان (8.7 مليار يورو) من خلال استرداد الأصول وتدابير خفض التكاليف، في حين تمّت مساءلة الأشخاص المعنيين.
الخلاصة والمسار المستقبلي
إلى جانب الإنجازات المحقّقة في جهود الصين والتزامها بتدقيق المتابعة، فإنَّ الاستكشافات من أجل الفعاليَّة لا تتوقف أبداً. وفي الخطوة التالية، سيبذل المكتب الوطني للتدقيق في الصين، على أساس الخبرة المكتسبة، جهوداً جديدة لتحقيق أعلى فائدة ممكنة من نظام تدقيق المتابعة، وتيسير التعاون بين التدقيق وغيره من أشكال الرقابة، وذلك لوضع تدقيق المتابعة في الاعتبار عند تحديد التأثيرات الحقيقية وكفاءة الحوكمة.