من إعداد: رتورو أليخاندرو زيا مانريكي
رئيس جهاز الرقابة المؤسسية التابع لحكومة أريكيبا الإقليمية، مكتب المراقب العام لجمهورية بيرو
المقدمة
هناك ثلاثة أنواع رئيسية من خدمات المراقبة في المجال الحكومي في بيرو هي الخدمات المسبقة، والخدمات المتزامنة، والخدمات اللاحقة.
وتُنفَّذ الرقابة المسبقة قبل إتمام أي دفعات مالية. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك الإذن المسبق المطلوب من مكتب المراقب العام لدفع تكاليف خدمات إضافية في مشاريع الاستثمار أو البناء.
من ناحية أخرى، يجري تطبيق الرقابة المتزامنة أثناء تنفيذ النفقات. ويتم تنفيذ هذه العملية في جميع مراحل المشروع الاستثماري، من التخطيط الأولي والتصميم، مروراً بإعداد الملف الفني، ووصولاً إلى التنفيذ والإغلاق النهائي للمشروع.
وأخيراً، يجري تنفيذ الرقابة اللاحقة بمجرد تنفيذ النفقات. وتتألَّف هذه المرحلة من ثلاث خدمات رئيسية هي عمليات التدقيق، وخدمات الرقابة المحدَّدة، والإجراءات التلقائية اللاحقة. ويجري تصنيف عمليات التدقيق على وجه الخصوص إلى عمليات تدقيق مالي وفي الامتثال والأداء.
وتؤدّي عمليات التدقيق هذه دوراً حاسماً في التحقُّق من الامتثال للإطار التنظيمي النافذ بموجب مبدأ الشرعية. بالإضافة إلى ذلك، فهي أساسيّة لتقديم التوصيات المتعلِّقة بالشروع في الإجراءات القانونية المدنية و/أو الجنائية و/أو الإدارية في حق الموظفين العموميين المسؤولين. وتكتسب أهمية موازية قدرتها على إصدار توصيات تستهدف مجالات التحسين في الإدارة العامة، مما يسهِّل وضع استراتيجيات فعّالة لتحسين الموارد العامة.
عملية تطوير التوصية
في إطار عملية التدقيق، يتم وضع التوصيات في المراحل التالية:
- تخطيط التدقيق في الامتثال: انطلاقاً من مرحلة التخطيط، يستخدم فريق التدقيق تقنيات مثل اختبارات الاستعلام والرقابة لاكتساب فهم شامل للجهة الخاضعة للتدقيق، بما في ذلك إطاره القانوني وتنظيمه وحوكمته وعملياته التجارية والمخاطر التشغيلية ومؤشرات الأداء. وفي هذه المرحلة، يجري أيضاً تقييم فعاليّة الضوابط الداخلية لتحديد إجراءات التدقيق اللاحقة. وهذه خطوة حاسمة لأنّها ترسي الأساس الذي ستوضع على أساسه التوصيات النهائية.
- تنفيذ التدقيق: خلال مرحلة التنفيذ، يجمع المدققون الأدلَّة والوثائق ذات الصلة لتمكينهم من تقييم ما إذا كانت الجهة تمتثل للقوانين والأنظمة والسياسات المعمول بها. وهذا هو المكان الذي يتمُّ فيه تحديد النتائج وتقييم المخاطر والضوابط الداخلية. ويجري توثيق كل نتيجة بعناية مع الأدلَّة التي تدعم استنتاج المدقق.
- إعداد تقرير التدقيق: بمجرد الانتهاء من جمع الأدلَّة والتحليل، يتم إعداد تقرير التدقيق. ولن يتضمن هذا التقرير النتائج والأدلَّة فحسب، بل سيشمل أيضاً التوصيات الرامية إلى تصحيح أوجه القصور التي جرى تحديدها، وتحسين العمليات، وتعزيز الضوابط الداخلية. وينبغي أن تكون هذه التوصيات واضحة وقابلة للتنفيذ وأن توفِّر مساراً واضحاً نحو تحسين إدارة الجهة الخاضعة للتدقيق، وأن تعجِّل، عند الاقتضاء، عملية اتخاذ الإجراءات القانونية أو الإدارية في حق المسؤولين والموظفين المشتبه في مسؤوليتهم المدنية أو الجنائية أو الإدارية.
إجراءات متابعة التوصيات
من الأساسي متابعة هذه التوصيات لضمان تنفيذها بفعاليّة والعمل على النحو المنشود. ويُقسم رصد تنفيذ التوصيات إلى عدّة مراحل رئيسية ترمي إلى ضمان التنفيذ الفعّال والمنهجيّ:
- تسجيل التوصيات وتصنيفها: يجب تسجيل جميع التوصيات في تطبيق حاسوبي لمكتب المراقب العام. ويجري تصنيف التوصيات وفقاً لطبيعتها، سواء لتحسين الإدارة، أو لبدء إجراءات إدارية أو قانونية، أو لمعالجة الحالات التي تحدِّدها الإجراءات التلقائية اللاحقة.
- خطة العمل: ينبغي على الجهات وضع خطة عمل توضح بالتفصيل طريقة تنفيذها للتوصيات، وتحدِّد الإجراءات، والأطراف المسؤولة، والمواعيد النهائية والموارد اللازمة. ويجب مراجعة خطة العمل هذه وأن تنال موافقة جهاز الرقابة المؤسسية المقابل.
- التنفيذ والرصد: تقع مسؤولية تنفيذ التوصيات على عاتق الجهة الخاضعة للتدقيق، في حين يقوم الجهاز برصد التقدم المحرز بنشاط. ويجب الاحتفاظ بسجل محدَّث لحالة تنفيذ كل توصية في تطبيق الحاسوب.
- التقييم وإعداد التقارير: ينبغي أن يجري جهاز الرقابة المؤسسية تقييماً دورياً لحالة التنفيذ وأن يُعدَّ تقارير نصف سنوية توجز التقدم المحرز والتحديات والنتائج المحقّقة. وهذه التقارير أساسيّة من أجل استمرار الرقابة التي يتولاها مكتب المراقب العام.
النشر والشفافيّة: ينبغي نشر حالة تنفيذ التوصيات وتقارير المتابعة على البوابة الإلكترونية للشفافيّة للجهة العامة، مما يضمن وضوح الرؤية والمساءلة أمام الجمهور.
وهذه العملية مصمّمة ليس فقط لتصحيح أوجه القصور التي تمَّ تحديدها وإنّما أيضاً لتعزيز القدرات الإدارية والتشغيلية للجهات العامة، وضمان الشفافيّة والكفاءة في إدارة موارد الدولة.
تنفيذ التوصيات: تقييم الأثر وإدارته
بهدف تقييم أثر تنفيذ التوصيات، تبدأ العملية بالتقارير الصادرة عن أجهزة الرقابة المؤسسية. وتفصِّل هذه التقارير متابعة تنفيذ التوصيات في مختلف الجهات العامة. وتُجمع هذه المعلومات في نظم مكتب المراقب العام، ثم يجري جمع عملية التنفيذ والمتابعة وتحليلها. وبعد ذلك، تُرسل جميع هذه البيانات إلى نائب مدير الرصد والتقييم لتصميم استراتيجيات لتعزيز هذه العملية وتحسينها.
ونائب مدير الرصد والتقييم هو المكتب المسؤول عن الإشراف على تنفيذ التوصيات ومتابعتها على نطاق واسع. ويرصد هذا المكتب ويقدم بيانات إدارة موحَّدة تعكس التقدم المحرز في العملية. بالإضافة إلى ذلك، يقيّم التقرير التقدم المحرز في تنفيذ التوصيات والمشكلات التي تتمُّ مواجهتها. وباستخدام هذه المعلومات، يضع المكتب استراتيجيات وإجراءات تهدف إلى زيادة فعاليّة التوصيات ويقدم معلومات ستكون بمثابة نقاط اهتمام لعمليات التدقيق المستقبلية.
وتكمن أهمية التوصيات في أنّها تمثّل نتيجة لعملية تدقيق دقيقة. وهي تنبثق مباشرة من النتائج المكتشفة، والتي تشمل تحديد المسؤوليات المحتملة والنقاط الحرجة للإدارة التي يمكن أن تولِّد مخالفات أو اكتشافات إضافية. إلى ذلك، فإنَّها تتيح للجهة الخاضعة للتدقيق الفرصة لتنفيذ التغييرات وتطبيق التحسينات أو التصحيحات المقترحة، وتالياً تعزيز الإدارة الأكثر فعاليّة والامتثال للأنظمة.
نتائج تنفيذ التوصيات والتطلع إلى الأمام
رغم أهمية مضمون هذه التوصيات وجوهرها، لم يكن معدل التنفيذ مثالياً، ويرجع ذلك أساساً إلى عدم اتّخاذ المسؤولين المكلّفين إجراءات.
وأخيراً، من الأهمية بمكان التشديد على أنَّ تعيين موظفين مكرَّسين حصراً للتسجيل والمتابعة والتقييم والتنسيق مع الجهة الخاضعة للتدقيق داخل أجهزة الرقابة قد أظهر أثراً إيجابياً ومباشراً على تنفيذ التوصيات. ومنذ عام 2021، لوحظ اتّجاه متزايد في النسبة المئوية للتوصيات المنفّذة، لاسيما بعد عام كان فيه عدد التوصيات غير المنفّذة أعلى. ويسلِّط هذا التغيير الضوء على فعاليّة تحديد أولويات المتابعة المنظّمة والمنهجية ضمن الأهداف المؤسسية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة.