البنية التحتية للتدقيق في إندونيسيا: معالجة التحديات في سدّ فجوة الاستثمار في البنية التحتية

من إعداد: إنداه نور هافيدياس، ماجستير في إدارة الأعمال، مدققة احتيال معتمدة، مدققة نظم معلومات معتمدة، ومحمد سبتيان ويكاكسونو، ماجستير، مدقق احتيال معتمد، مدقق حوكمة ومخاطر وامتثال
المقدمة
البنية التحتية جزء لا يتجزّأ من النمو الاقتصادي، إذ تساهم بنحو 14% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي1. وقد يخلّف الافتقار إلى البنية التحتية القوية عواقب واسعة النطاق، حيث يؤدّي إلى مخاطر مجتمعية مثل الاستقطاب المجتمعي، والتأثير على الصحة والرفاه، وعدم المساواة، والافتقار إلى الفرص الاقتصادية، أو البطالة2. وذكر المنتدى الاقتصادي العالمي أنَّه يجري تصنيف نقص البنية التحتية العامة بين أكبر 20 خطر عالمي. ونظراً إلى أهميتها، فإنَّ الاستفادة منها أساسيّة لتعزيز التنمية الاقتصادية.
وفي البلدان النامية، كثيراً ما يكون التأثير المضاعف للإنفاق على البنية التحتية أكبر من تأثيره في الاقتصادات الغربيةs3. وفي إندونيسيا، يشكِّل تطوير البنية التحتية أولوية وطنية، ولكنَّ فجوة الاستثمار كبيرة، حيث لا يُخصص للبنية التحتية سوى 37% من موازنة الحكومة. نتيجةً لذلك، غيَّرت الحكومة الإندونيسية نهجها في السنوات الخمس الماضية، واستخدمت الأموال العامة كملاذ أخير4.
Tوبهدف دعم الحكومة في تحقيق أهداف التنمية الوطنية المتوسطة الأجل وأهداف التنمية المستدامة، يؤدّي الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا دوراً مهمّاً في التدقيق في المبادرات الحكومية المختلفة لسدّ فجوة الاستثمار في البنية التحتية. وتعرض هذه المقالة نتائج التدقيق وتوصياته في مجالات رئيسية مثل الاتصالات والكهرباء والنقل، والتي تترك أثراً كبيراً على الدول النامية مثل إندونيسيا5:
- التدقيق في تمويل تطوير البنية التحتية من خلال السندات الحكومية والقروض الأجنبية
- التدقيق في فعاليّة الشراكات بين القطاعين العام والخاص في سدّ فجوة الاستثمار في البنية التحتية
- التدقيق في الابتكار في البنية التحتية للكهرباء للمركبات الكهربائية
- التدقيق في تحوّل خدمة البثّ لتقوية البنية التحتية العامة الرقمية
التدقيق في تمويل تطوير البنية التحتية من خلال السندات الحكومية والقروض الأجنبية
من أجل تلبية الطلب المتزايد على البنية التحتية وتعزيز النمو الاقتصادي، حصلت الحكومة على قروض من خلال السندات الحكومية العادية، والسندات الشرعية الحكومية، والقروض الأجنبية. وأجرى الجهاز الإندونيسي تدقيقاً لغرض خاص لتقييم فعاليّة إدارة القروض في الفترة 2020-2022 لتمويل مشاريع التنمية الحضرية والبنية التحتية للكهرباء6.
وكشف التدقيق أنَّ إصدار السندات قد تجاوز التخطيط والمقارنة المرجعية/العائد، وجرى تحديده دون اتّخاذ الإجراءات المناسبة، الأمر الذي أدّى إلى عدم الامتثال لمبدأ الشريعة الإسلامية. وتسبّب هذا أيضاً في توقّعات غير دقيقة للميزانية والأعباء المالية. وأشار التدقيق إلى الأداء الضعيف لسحب القروض وأبرزت الحاجة إلى تعزيز صدقيّة الحكومة لدى المقرضين، وخصوصاً بالنسبة إلى مشروع البنية التحتية للكهرباء. وأدَّت معدّلات السحب المنخفضة في القروض الأجنبية إلى ارتفاع النفقات المالية، وتالياً رفع رسوم الالتزام بالنسبة إلى الحكومة.
وفي إطار الاستجابة، أوصى الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في إندونيسيا الحكومة بتعزيز سياسات صنع القرار والحوكمة من أجل تحسين إدارة القروض. وأكّد التدقيق على الحاجة إلى نظام للمكافآت والعقوبات لمعالجة المشاريع غير المكتملة أو المتأخّرة، إذ إنَّ مثل هذا التأخير يفرض مخاطر على مستهدفات التنمية الحضرية واستخدام القروض في الوقت المناسب من جانب المؤسسات المملوكة للدولة. وتتوافق هذه التوصية مع اقتراح حديث لاستخدام التمويل القائم على النتائج حيث ترتبط مدفوعات الاستثمار ارتباطاً مباشراً بنتيجة المشروع7. واستجابةً لذلك، عملت الحكومة على تحسين السياسات المحاسبية وإجراءات التشغيل القياسية، وتعزيز فعاليّة إدارة القروض وحوكمتها.
التدقيق في فعاليّة الشراكات بين القطاعين العام والخاص في سدّ فجوة الاستثمار في البنية التحتية
يؤدّي القطاع الخاص دوراً حاسماً في البنية التحتية، نظراً إلى انخراطه في نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص8. وعملت الحكومة على وضع إطار للشراكة بين القطاعين العام والخاص: صياغة النظام، وإجراء تقييمات سنوية لمشاريع البنية التحتية للتصديق على خطة الشراكة بين القطاعين العام والخاص (والتي تسمى كتاب الشراكة بين القطاعين العام والخاص)، وتوفير التمويل من مرفق تطوير المشاريع وصندوق فجوة الجدوى، وضمان الأموال اللّازمة لتخفيف المخاطر.
وفي عام 2023، أجرى الجهاز الإندونيسي تدقيقاً في الأداء في ما يتّصل بحوكمة الشراكة بين القطاعين العام والخاص في الفترة 2020-2023. وسلّط هذا التدقيق الضوء على عدم كفاءة حوكمة الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تلبية أهداف البنية التحتية والتنمية الحضرية9. وقد وجد الجهاز أنَّ تنفيذ الشراكة بين القطاعين العام والخاص يفتقر إلى التخطيط الشامل لتقييم جدوى مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص وأولويتها. وتقف العديد من المشاريع وراء أهداف الحكومة. ولم يتم تنفيذ الحوافز مثل الأموال المقدمة من مرفق تطوير المشاريع وصندوق الضمانات بشكل فعّال بسبب الافتقار إلى التنظيم والإجراءات غير الواضحة.
ولمعالجة هذه التحديات، حثّ الجهاز على تحسين التقييم الأولي لمشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص قبل إدراجها في كتاب الشراكة بين القطاعين العام والخاص. كما أوصى بإجراء رصد وتقييم صارمين خلال كل مرحلة من مراحل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فضلاً عن زيادة التعاون بين الوزارات لتحقيق المستهدفات. ورغم أنَّ المجال لا يزال مفتوحاً للتحسين، نجحت الحكومة في تحسين تقييم مشاريع البنية التحتية في آخر كتاب للشراكة بين القطاعين العام والخاص، الأمر الذي وفّر معلومات أفضل لعامة الناس والمستثمرين والحكومة ذاتها.
التدقيق في الابتكار في البنية التحتية للكهرباء للمركبات الكهربائية
سلّطت خطة التنمية الوطنية المتوسطة الأجل للفترة 2020-2024 الضوء على أهمية زيادة استخدام الطاقة النظيفة في وسائل النقل، لاسيّما من خلال المركبات الكهربائية. ورغم تسجيل بعض التقدّم، حيث ارتفعت أعداد المركبات الكهربائية من 1,439 في عام 2019 إلى 133,225 في عام 2024 10 ,لا تزال التحديات قائمة. وقد حدّدت الحكومة مستهدفات طموحة، تتوق إلى إنتاج مليوني مركبة كهربائية و 13 مليون دراجة كهربائية بحلول عام 2030، بفضل إعانة تبلغ 455 مليون دولار أميركي11. ولتحقيق هذا المستهدف، ستكون هناك حاجة إلى 32,000 محطة شحن بحلول عام 2030.
وإدراكاً لأهمية البنية التحتية للمركبات الكهربائية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، أجرى الجهاز الإندونيسي تدقيقاً في الأداء بشأن توفير البنية التحتية للمركبات الكهربائية التي تعتمد على البطاريات في الفترة 2019 –2021 12. ومن بين النتائج الرئيسية التي توصّلت إليها الدراسة الحاجة المتزايدة إلى مخطّطات تمويل مبتكرة لدعم توسُّع البنية التحتية للمركبات الكهربائية.
وحدّد الجهاز الإندونيسي العديد من التحديات التي تعوق نمو محطات الشحن الكهربائية، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الاستثمار، ومخططات نماذج العمل غير المستغلّة في محطات الشحن، والافتقار إلى التنظيم الواضح لشركات محطات الشحن، وامتناع المواطنين عن التحوّل إلى المركبات الكهربائية. نتيجةً لذلك، كان الدخول محدوداً إلى سوق محطات الشحن الكهربائية.
ولمواجهة هذه التحديات، أوصى الجهاز الإندونيسي بأن تنفّذ الحكومة عملية رصد وتقييم لنموذج اقتصاد المشاركة واقترح استخدام مخطط العرض والملكية الخاصة والتشغيل لجذب استثمارات القطاع الخاص والمؤسسات المملوكة للدولة. بالإضافة إلى ذلك، أوصى الجهاز بتقديم حوافز بأسعار مخفّضة لتشجيع الاستثمار الخاص في محطات الشحن. وفي الوقت الراهن، ارتفعت محطات الشحن الكهربائية العامة تسعة أضعاف ووصلت إلى 2,667 محطة منذ عام 2021 13.
التدقيق في تحوّل خدمة البثّ لتقوية البنية التحتية العامة الرقمية
انتقلت إندونيسيا أخيراً من البثّ التناظري إلى البثّ الرقمي في عام 2022، فلحقت بدول رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) الأخرى. ويعد إيقاف البثّ التناظري خطوة بالغة الأهمية في تعزيز البنية التحتية العامة الرقمية، إذ يتيح استخداماً أكثر كفاءة للطيف الترددي، ويحسِّن جودة البثّ، ويدعم شبكات النطاق العريض الثّابتة والمتنقّلة. وفي الأمد البعيد، يهدف هذا التحول إلى توسيع نطاق الوصول إلى معلومات أفضل جودة، والوصول إلى المزيد من المواطنين في مختلف أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق النائية والجزر، وتجاوز نسبة التغطية المسجلة في عام 2019 والتي بلغت 50% 14.
وأجرى الجهاز الإندونيسي تدقيقاً في الأداء يتّصل بتوفير البنية التحتية للبثّ الرقمي في الفترة 2021-2022 في هيئة البثّ العام. وسلّط تقرير التدقيق الضوء على أوجه القصور في عملية التحول الرقمي. ورغم أنَّ التحول الرقمي بات أولوية وطنية، تبقى تغطية البثّ الرقمي منخفضة. وكشف التدقيق أنَّ 28% فقط من أصل 225 منطقة بلغت الحد الأدنى من التغطية الذي يبلغ 70% من السكان، في حين أنَّ 29% من السكان يتخلّفون عن هذا السقف. ومن المثير للقلق أنَّ 41,9% من السكان، أي ما يقارب 116 مليون مواطن، لم يصلهم البثّ الرقمي.
وأكّد الجهاز الإندونيسي على أهمية تحسين تغطية البثّ الرقمي. لذلك أوصى بتوفير العدد اللازم من أجهزة الإرسال ووسائل دعمها، والموارد البشرية الكافية لتشغيلها، والتخطيط المناسب للميزانية لدعم البنية التحتية والعاملين. بالإضافة إلى ذلك، تؤدّي عملية صنع القرار لتحديد موقع الإرسال دوراً مهمّاً في زيادة التغطية.
ولمعالجة هذه المسائل، أوصى الجهاز بأن تضع هيئة البثّ العام خطة شاملة لإدارة المخاطر وأن تنشئ وحدة مخصّصة تتمتّع بأدوار ومسؤوليات محدّدة بوضوح للإشراف على تنفيذ التحوّل الرقمي. ودفعت نتيجة التدقيق تغطية البثّ الرقمي للسكان في عام 2023 إلى 76% من المناطق لتصل إلى الحد الأدنى للتغطية الذي يبلغ 80% من السكان15.
الخلاصات الرئيسية
تؤدّي البنية التحتية دوراً بالغ الأهمية في تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية. وفي حين تسعى العديد من البلدان النامية، بما في ذلك إندونيسيا، إلى تحسين بنيتها التحتية، تعوق التقدّم تحديات مثل فجوات التمويل، وعدم كفاءة الحوكمة، والافتقار إلى الموارد الكافية. وفي مناقشة جرت أخيراً بشأن تحسين البنية التحتية، اتّفق الخبراء على أنّه في حين أنَّ فجوة التمويل في تطوير البنية التحتية حتميّة ومستمرة، من الأهمية بمكان عدم إنفاق مليارات الدولارات على الاستثمارات، بل العمل بشكل مختلف من خلال تبنّي أساليب مبتكرة لضمان الكفاءة والاستدامة في مشاريع البنية التحتية16.
ويبرز تطوير البنية التحتية في إندونيسيا الحاجة إلى التخطيط الاستراتيجي، والتعاون بين القطاعين العام والخاص، ونماذج التمويل المبتكرة. ورغم الجهود الكبيرة المبذولة، مثل إصدار السندات الحكومية، والانتقال إلى البثّ الرقمي وتنفيذ الشراكات بين القطاعين العام والخاص، لا تزال هناك تحديات كبيرة في إدارة القروض الحكومية، وتوسيع تغطية البثّ الرقمي، وتحسين البنية التحتية للمركبات الكهربائية.
ولمعالجة هذه التحديات، تقدِّم عمليات التدقيق التي يجريها الجهاز الإندونيسي توصيات بالغة الأهمية لتحسين عمليات صنع القرار، وتعزيز نظم الرصد، وتنفيذ نماذج تمويل مبتكرة. ومن خلال تبنّي هذه التدابير، لن تتمكَّن إندونيسيا من سدِّ فجوة الاستثمار في البنية التحتية فحسب، بل ستضمن أيضاً أن تكون مشاريع البنية التحتية أكثر استدامةً وكفاءةً واتّساقاً مع أهداف التنمية الوطنية. وفي الأمد البعيد، من المتوقّع أن تترك عمليات التدقيق التي يجريها الجهاز أثراً على تعزيز الإدارة الشاملة للمشاريع وضمان استخدام استثمارات البنية التحتية بشكل أكثر فعاليّة، والحدّ من الأعباء المالية على الحكومة وزيادة فعاليّة استخدام القروض، وتعزيز فعاليّة الشراكات بين القطاعين العام والخاص والمساعدة في سدّ فجوة الاستثمار في البنية التحتية.
- World Economic Forum, “Closing the Global Infrastructure Investment Gap.” ↩︎
- Schwab and Malleret, The Global Risks Report 2025. ↩︎
- Nisa and Khalid, “Impact of Infrastructure on Economic Growth.” ↩︎
- The National Medium Term Development Plan 2020-2024. ↩︎
- Stéphane Straub, Maria Vagliasindi, and Nisan Gorgulu, “Economic Development Unlocked.” ↩︎
- The Audit Board of the Republic of Indonesia, “Special Purpose Audit Report on the Management of Government Debt and Its Use for Financing Economic, Urban, and Power Energy Infrastructure.” ↩︎
- Alejandro Alvarez von Gustedt et al., “Beyond Compliance: Embedding Impact through Innovative Finance.” ↩︎
- Schwab, Zahidi, and World Economic Forum, “The Global Competitiveness Report.” ↩︎
- The Audit Board of the Republic of Indonesia, “Performance Audit Report On the Effectiveness of Public-Private Partnership Management In Supporting Funding Needs for Infrastructure Provision and Regional Development (2020–2023) At the Ministry of Finance as the Fiscal Manager, The Ministry of National Development Planning/BAPPENAS, And Other Relevant Institutions.” ↩︎
- mik and can, “Populasi Kendaraan Listrik Tembus 133 Ribu Di Indonesia.” ↩︎
- Agus Cahyono Adi, “Press Conference: Ini Target Pemerintah Untuk Populasi Kendaraan Listrik Di Tahun 2030.” ↩︎
- The Audit Board of the Republic of Indonesia, “Performance Audit Report in the Development and Management of Outer Ring Toll Roads and the Provision of Battery-Based Electric Vehicle Infrastructure to Support Sustainable Urban Transportation for the Year 2019 to the First Semester of 2021.” ↩︎
- Pamela Sakina, “PLN Targetkan Perbandingan SPKLU Dan EV 1.” ↩︎
- The Audit Board of the Republic of Indonesia, “Performance Audit Report on the Provision of Digital Broadcasting Infrastructure in Support of the Implementation of Analog Switch-Off at LPP TVRI.” ↩︎
- Kementerian Komunikasi dan Informatika, “Laporan Kinerja 2023.” ↩︎
- Arjun Dhawan et al., Back to Basics. ↩︎