بقلم رئيس ديوان المحاسبة الفيدرالي في البرازيل الوزير برونو دانتاس
ما من شكّ في أن تنظيم المؤتمر الرابع والعشرين للإنتوساي في ريو دي جانيرو، بعد سنوات ماضية من الاجتماعات الافتراضية، قد شكّل تحدياً كبيراً. فقد جمع المؤتمر ممثلين عن الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة في 147 بلداً و30 مؤسسة شريكة، بوصفها منظمات متعددة الأطراف مهتمة بموضوع إجراءات التدقيق الحكومي والتعاون الدولي، وضمّ أكثر من ألف شخص لمناقشة الموضوعات الأكثر أهمية للإنتوساي خلال السنوات الثلاث الماضية والاتفاق على مبادرات جديدة للمستقبل.
ورغم أنّنا سرعان ما تكيّفنا جميعاً مع أساليب العمل عبر الإنترنت واكتسبنا فوائد لا يمكن الشك في جدواها لناحية زيادة الإنتاجية، فإنه ما من شيء يحل فعلاً محلَّ الاجتماع الحضوري. وقد سررت بتنظيم مؤتمر حضوري أسفر عن نتائج ملموسة، حرّكتني فيه الابتسامات والعناق والمصافحات الممتعة.
وبالإضافة إلى الاجتماعات والفعاليات الجانبية والعروض والمناقشات والكلمات وورش العمل والفعاليات الاجتماعية، تميّز الإنكوساي الرابع والعشرين في مجالات الشراكة، وتبادل المعرفة، والنمو المهني، مما جعل الروابط التي توحدنا أقوى وأمتن الآن.
وبشكل عام، تمكّن الإنكوساي من بناء أساس متين لتعزيز الصوت العالمي للإنتوساي. وكجزء من هذا الصوت العالمي، من الضروري العمل ليس حصراً للتغلب على التحديات التي تفرضها حالات الطوارئ مثل جائحة كوفيد-19، بل أيضاً لتعزيز أهمية عمليات التدقيق العام وتأثيرها، فضلاً عن تحسين قيمة الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة في نظر المجتمع.
وفي هذا الصدد، كانت مناقشة الموضوعات المتعلقة بعمليات التدقيق العام والمراقبة الخارجية من خلال اجتماع الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة من جميع أنحاء العالم أكثر بكثير من مجرد تبادل بسيط للمعلومات. فمنذ اللحظة التي يتّحد فيها أعضاؤها لإيجاد جوقة من الأصوات من مختلف السياقات حول العالم، تزداد الإنتوساي قوة، ويكتسب المدققون منظورات وعلاقات جديدة، وتتلقّى الأجهزة مدخلات لتحسين أساليب عملها ونتائجها. وبذلك نعكس معاً الدور الهام الذي نؤدّيه في إيجاد حلول للمشكلات الإقليمية والعالمية.
بطبيعة الحال، شكَّل الإنكوساي فرصة ممتازة لاستكشاف الإمكانات الكاملة للإنتوساي ولأعضاء الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة العليا من حيث تبادل المعلومات والتقنيات والمعرفة. ومن المؤكد أن هذا التعاون والمشاركة سيساهمان في جعل العمل المطور أكثر أهمية وفعالية، وتوفير المزيد من الشفافية والمساءلة والحوكمة لضمان تقديم الحكومات لأفضل المنتجات والخدمات الممكنة للمواطنين.
وقد أسفرت جميع أعمال التكامل والصياغة عن الموافقة على إعلان ريو الذي اختُتِم به الإنكوساي الرابع والعشرين، حيث جرى تعزيز التفاهم بشأن المسائل التي نوقشت ووضع مبادئ توجيهية لأداء الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة في السنوات المقبلة، مثل القدرة على الاستجابة في حالات الأزمات.
وحتى لو واجهتنا محن على الطريق، فإننا مستعدون على نحو أفضل الآن. وقد ظهر ذلك جلياً خلال المناقشات التي تناولت الموضوع الأول، أي “دور الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة في حالات الطوارئ”، وهي فرصة تمكنّا من خلالها من ملاحظة كيف أن الأجهزة حول العالم قد أوجدت سريعاً استجابات للمشكلات الناجمة عن الجائحة وأظهرت لنا أنّنا بتنا الآن جاهزين لمواجهة تحديات جديدة.
من الآن فصاعداً، وبصفتي رئيساً للمجلس التنفيذي للإنتوساي، ألتزم بقيادة الجهود الرامية إلى تعزيز الصوت العالمي لمجتمع الإنتوساي عبر استراتيجية لنقل القيم والاستقلالية والنتائج التي توصَّلت إليها الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة. ويحدوني أمل كبير في أن نكون بعد ثلاث سنوات من اليوم منظمة يُسمع صوتها على نطاق واسع في المحافل العالمية والإقليمية الرئيسية. ولدينا الكثير لنساهم فيه من خلال عملنا في الإشراف على الأعمال الحكومية.
وفي هذا الصدد، هدفت المناقشات التي دارت حول الموضوع الثاني، أي “الصوت العالمي، والنتائج العالمية، والتأثير بعيد المدى”، إلى وضع استراتيجية منسّقة لنقل النتائج المجمعة لعمل الأجهزة في الموضوعات ذات الأهمية الكبيرة. وبالإضافة إلى الفائدة التي تجنيها الأجهزة والمدققون، فإنه من شأن استراتيجية تواصل منسّقة أيضاً أن تعزّز الوعي الدولي بأهمية التدقيق العام الذي تضطلع به منظمات مستقلة على غرار الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة.
إنّ رغبتي هي في وضع شعار الإنتوساي موضع التنفيذ: “تبادل الخبرة يفيد الجميع”. ولكي يحدث ذلك، أدعو جميع أعضاء الإنتوساي إلى الانضمام إلينا في هذه المهمة.