تعزيز دور التدقيق في بناء شبكة مياه آمنة وقادرة على التكيّف

نهر لي في مقاطعة قوانغشي، الصين. المصدر: أدوبي ستوك إيمجز، سارافوت

من إعداد: دائرة تدقيق الاستثمار في الأصول الثابتة التابعة للمكتب الوطني للتدقيق في الصين

I. المقدمة

في الصين، يمثّل الأمن المائي جانباً بالغ الأهمية من البنية التحتية، يركِّز على تحقيق أعلى فائدة ممكنة من نظام توزيع الموارد المائية وتحسين نظام السيطرة على الفيضانات والتخفيف من حدة الكوارث. وفي عام 2022، وبهدف تسريع بناء شبكة مياه وطنية وبناء شبكة بنية تحتية حديثة وعالية الجودة للمياه، ومن أجل التصدّي بصورة شاملة لمسائل الموارد المائية، والبيئة المائية، والكوارث المائية، أصدرت الحكومة الصينية “مخطط تخطيط بناء شبكة المياه الوطنية” (يشار إليها في ما يلي باسم “خطة شبكة المياه”). وفي عام 2023، أجرى المكتب الوطني للتدقيق في الصين تدقيقاً خاصاً لبناء مشاريع تحويل المياه الرئيسية وتشغيلها، بهدف المساهمة في بناء شبكة مياه حديثة آمنة وقادرة على التكيّف. وركّزت عملية التدقيق على الكشف عن المشكلات البارزة في بناء مشاريع تحويل المياه الكبرى وتشغيلها واكتشاف الحواجز النظامية، والعيوب الميكانيكية، والثغرات المؤسسية الكامنة وراء هذه المشكلات. وتقوم هذه المقالة، استناداً إلى التخطيط والإنشاءات ذات الصلة لشبكة المياه الوطنية، بدراسة المجالات الرئيسية التي ينبغي أن تركّز عليها عمليات التدقيق، ومناقشة الخبرات، وممارسات التدقيق، ومشاركة الحالات النموذجية للرجوع إليها.

II. لمحة عامة عن خطة شبكة المياه وبنائها

I. خلفية خطة شبكة المياه

طالما اتّسم وضع المياه في الصين بالفيضانات في الصيف والجفاف في الشتاء، مع ندرة المياه في الشمال والوفرة في الجنوب. ويتفاوت التوزيع المكاني والزمني للموارد المائية بشكل كبير، حيث لا يتجاوز نصيب الفرد من الموارد المائية في الصين 1/4 من المتوسط العالمي توالياً. ولتشكيل سوق وطنية موحدة وتيسير التداول الاقتصادي المحلي، وتعزيز التنمية المنسَّقة بين الشمال والجنوب، من الأهمية بمكان تعزيز توزيع الموارد المائية عبر أحواض الأنهار والمناطق. في الوقت نفسه، كثيراً ما تتعرَّض الصين للفيضانات والجفاف. وتتعرّض الروافد المتوسطة والدنيا للأنهار الرئيسية للفيضانات التي تجتاح الأحواض بالكامل والأعاصير القوية، في حين تتعرض المناطق الوسطى والغربية لتهديد الأمطار الغزيرة والسيول الجبلية. وللاستجابة بفعالية للآثار المترتبة على الفيضانات والجفاف، من الضروري العمل بشكل منهجي لتخطيط نظم البنية التحتية للمياه، والاستفادة من المزايا والفوائد الشاملة لنظم هندسة المياه الشبكية لسلامة الاقتصاد والمجتمع.

II.  مخطط إنشاء شبكة المياه الوطنية

وفقاً لخطة شبكة المياه في الصين، سيجري استكمال شبكة مياه وطنية شاملة تتألّف من مشاريع أساسية وأخرى مترابطة تعرف بمشاريع “الشبكة والعقدة” بحلول عام 2035. أولاً، ستركز الجهود على “المشاريع الأساسية” لشبكة المياه الوطنية، على المنبع الرئيسي للأنهار الكبرى والبحيرات المهمة، مع اعتبار مشروع تحويل المياه من الجنوب إلى الشمال مكوناً رئيسياً. ويشمل هذا التقدم السليم في تخطيط وبناء سلسلة من المشاريع الكبرى لتحويل المياه، والصرف، والتصريف. ثانياً، تتألف “مشاريع الشبكة” لشبكة المياه الوطنية من مشاريع وطنية ومناطقية كبرى لتوزيع موارد المياه. ويشمل هذا تعزيز الإدارة الشاملة للروافد الرئيسية والأنهار الصغيرة والمتوسطة، والربط المناطقي بين نظم مياه الأنهار والبحيرات، وبناء مشاريع التحويل والصرف والتصريف، وتشكيل نمط شبكة مياه متكاملة ومترابطة لكل من المناطق الحضرية والريفية. ثالثاً، تتكون “مشاريع العقدة” لشبكة المياه الوطنية من مشاريع التحكم في المياه ومشاريع مصادر المياه الرئيسية.

III. التقدم المحرز في بناء مشروع شبكة المياه الوطنية

عملت الحكومة الصينية في الأعوام الأخيرة على تعزيز السيطرة الكلية وتحسينها، وتنفيذ سياسات مالية استباقية وسياسات نقدية معتدلة، واستفادت بشكل كامل من الدور التوجيهي للصناديق المالية في تعزيز الاستثمارات في البنية التحتية للمياه وإطار التمويل حيث يعمل رأس المال المالي والاجتماعي معاً. وتجاوزت الاستثمارات الوطنية في مجال بناء منشآت الحفاظ على المياه تريليون يوان على مدى ثلاث سنوات متتالية، مع تنفيذ 47,000 مشروعاً للحفاظ على المياه واستثمار 1.35 تريليون يوان في عام 2024. حالياً، مع الانتهاء من المشاريع الكبرى مثل المراحل الأولى من المسارات الشرقية والوسطى لتحويل المياه من الجنوب إلى الشمال، والمراحل الرئيسية في مشروع تحويل مياه نهر يانغتسي إلى هواي، تتشكَّل شبكة مياه عبر الأحواض والمناطق تدريجياً. وفي الفترة المقبلة، ستسرِّع الصين بناء شبكة مياه وطنية “كاملة بشكل منهجي، وآمنة وموثوق بها، ومكثّفة وفعّالة، وخضراء وذكية، ومنسجمة بسلاسة، ومنظّمة،” لضمان الأمن المائي الوطني.

III. المجالات ذات الأولوية للتدقيق في مشروع تحويل المياه الرئيسي

I. التدقيق في تنفيذ الخطط الرئيسية والمشاريع الكبرى

باعتبارها مشروعاً منظّماً واسع النطاق ومعقّداً، تشمل شبكة المياه الوطنية إدارات ومناطق متعددة، الأمر الذي يتطلّب التنسيق بين أهداف متعددة. وقد يشكّل تنسيق العمل بين مشاريع شبكة المياه وعناصر الموارد، وتقييم الطلب على المياه، وتقدير التغيرات الطارئة على حالة المياه وآثارها تحديات. وفي مواجهة هذه التحديات، يتعين على المدققين التركيز على:

اتساق الخطط. تحديد ما إذا كانت “خطة شبكة المياه” تتلاءم مع التخطيط المكاني، والحماية البيئية، وخطط السياسة الأخرى؛ وما إذا كانت أهداف “خطة شبكة المياه” مفصّلة ويجري تنفيذها، والمهام الرئيسية تتحلّل بشكل فعّال، والمشاريع “الأساسية” ومشاريع “الشبكة” و”العقدة” المدرجة في الخطط قد تقدّمت بطريقة متّسقة.

تنفيذ المشاريع الرئيسية. تقييم ما إذا كانت المشاريع الرئيسية في “خطة شبكة المياه” وخطط تنفيذها المفصّلة تتقدّم كما هو مقرر، وما إذا كانت هناك صعوبات أو اختناقات في الموافقة على المشروع وبنائه. ويجب إيلاء اهتمام خاص لما إذا كانت المشاريع قد تأثّرت سلباً بالسياسات غير المتّسقة، أو الموارد غير الكافية، أو الأداء المتراخي من جانب الإدارات المعنية.

II. التدقيق في إدارة الأموال واستخدامها

تنطوي مشاريع تحويل المياه الكبرى على منافع اجتماعية كبيرة، حيث يؤدّي تنفيذها إلى تقوية الترابط، وتعزيز قدرات تخصيص الموارد المائية بين الأحواض والمناطق، وتحسين أمن إمدادات المياه في المناطق الحضرية والريفية. وبسبب دورات البناء الطويلة والحجم الكبير لهذه المشاريع، فإنّها تتطلّب تمويلاً كبيراً. لذلك ينبغي أن تركِّز عمليات التدقيق على:

امتثال أنشطة التمويل. نظراً إلى طبيعة الرفاه العام لهذه المشاريع التي تعتمد في المقام الأول على الصناديق المالية، يتعيّن على المدققين أن يتحقّقوا مما إذا كانت الحكومات ومقاولو البناء قد جمعوا الأموال من خلال قنوات متعدّدة كما هو مطلوب بموجب الموافقات على دراسة الجدوى، وما إذا كانت نسبة الأموال التي يجمعها المتعاقدون ذاتياً تراعي الأنظمة، وما إذا كان ثمة التزام تمويلي لم يتم توفيره يؤثّر سلباً على التقدم.

تخصيص الأموال. ينبغي أن يتحقّق المدققون ممّا إذا كان يجري تخصيص ميزانيات المشاريع وخطط الاستثمار والأموال وإنفاقها في الوقت المناسب وبطريقة كافية، وممّا إذا كانت الأموال قد اختُلِسَت، وممّا إذا كانت مدفوعات الأموال والقروض المصرفية تتطابق مع تقدم المشروع. ويجب أيضاً التدقيق في مسائل مثل الأموال الخاملة المفرطة بسبب الإفراط في التخصيص.

استخدام الأموال. يجب أن يقيّم المدققون ما إذا كانت إدارة الأموال متوافقة والنفقات معقولة، وما إذا كانت هناك خسائر أو إهدار بسبب العمل الأولي غير الملائم أو الإدارة المتساهلة للأموال. ويجب أيضاً التحقيق في قضايا مثل المصادرة غير القانونية، والتأخير في استرداد الأموال المصادرة، وتأخير المدفوعات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم والعمال.

III. إدارة البناء

تؤدّي مشاريع تحويل المياه الكبرى التي تشتمل عادةً على قطاعات متعدّدة وسلاسل إمداد طويلة، دوراً حاسماً في معالجة فجوات البنية التحتية، وتحسين تشغيل العمالة ورفاه الأشخاص. لذلك يتعيّن على المدققين التركيز على المسائل الرئيسية مثل طرح عطاءات المشاريع، وشراء المواد والمعدّات، وجودة المشاريع:

اعتماد المشروع. تقييم ما إذا كانت المشاريع غير واقعية أو مبالغ فيها أو تقدّمت في ظروف ضعيفة. ويجب النظر في مسائل مثل تضخيم كميات المشروع، وخفض معايير البناء وتقليص نطاق البناء دون موافقة.

إدارة طرح العطاءات والعقود. تحديد ما إذا كانت هناك مشكلات مثل الفشل في طرح العطاءات المطلوبة، أو العطاءات الاحتيالية، أو التلاعب في العطاءات، أو التعاقد من الباطن بشكل غير قانوني. ويجب أيضاً التحقيق في حالات المتعاقدين غير المؤهلين، أو تضخم التكاليف، أو الخسائر الكبيرة الناجمة عن سوء الإدارة.

مراقبة الجودة. التحقق مما إذا كانت هناك مشكلات مثل التسرّع أو التغييرات غير المصرح بها لنطاق عمل المشاريع الرئيسية. وينبغي إيلاء اهتمام خاص لعيوب الجودة الرئيسية الناجمة عن الإشراف غير الكافي من جانب مقاولي البناء أو إهمال واجبات الإشراف.

IV. تشغيل المشروع والصيانة والأداء

حتّى يتسنّى إطلاق العنان بالكامل للمنافع المترتّبة على مشاريع تحويل المياه الكبرى، فمن الضروري العمل على تحسين آليات البناء والتشغيل والإدارة. وأهملت بعض الجهات الخاضعة للتدقيق حقيقة مفادها أنَّ مشاريع تحويل المياه قد لا تشكِّل تداخلاً من دون استكمال منشآت الدعم في الوقت نفسه مثل خزانات التخزين وشبكات التوزيع، بالإضافة إلى مشاريع الحفظ الواحد. لذلك ينبغي أن يركّز المدققون على:

أداء المشاريع الكبرى. من خلال مقارنة أحجام تحويل المياه الفعلية لمشروع مكتمل بمقاييس التحويل المخطط لها والخطط السنوية لإمدادات المياه، يستطيع المدققون تحليل ما إذا كان الافتقار إلى المنشآت الداعمة قد أدّى إلى أداء ضعيف أو محدود للمشاريع المكتملة.

التشغيل والصيانة. يمكن أن يتحقّق المدققون ممّا إذا كان قد تمَّ إيجاد آلية تشغيل وصيانة منتظمة، وما إذا كان قد جرى إصلاح عيوب الجودة في الوقت المناسب، وما إذا كانت الجهود قد بُذِلَت لفصل الإدارة والصيانة لتقليل التكاليف وتحسين مستويات الإدارة المهنية والموحدة. إلى ذلك، ينبغي أن ينظر المدققون في ما إذا كانت خطط إمدادات المياه الطارئة قد صِيغَت للسيناريوهات القصوى.

تحصيل رسوم المياه ونفقاتها. ينبغي أن يقيّم المدققون ما إذا كانت آلية تسعير المياه معقولة ومواتية لتعزيز الحفاظ على المياه والتشغيل المستدام لمشاريع المياه. كما يتعيّن أن تتحقّق عمليات التدقيق ممّا إذا كان يتم تحصيل رسوم المياه وإدارتها واستخدامها وفقاً للأنظمة.

IV. حالات نموذجية للتدقيق في مشاريع تحويل المياه الكبرى

I.  حالة تدقيق في عملية الموافقة على مشروع.

لدى التدقيق في مشروع كبير لتحويل المياه، قارن المدققون تقديرات الاستثمار، وخطط التمويل في دراسات الجدوى، والميزانيات الهندسية الأولية، وميزانيات العطاءات، والحسابات الختامية في مراحل مختلفة. وقد تبيّن أنَّ المشروع بالغ في الطلب على المياه لتضخيم تكاليف البناء في عرض المشروع للحصول على المزيد من الأموال من الصناديق المالية المركزية. كما تبيّن أنَّ المشروع قد قلّص من نطاقه، وخفّض المعايير، وأخّر منشآت الدعم. ولم يؤثر هذا في المنافع المترتّبة على المشروع الرئيسي فحسب، بل قوّض أيضاً فعالية الاستثمار الحكومي في دفع التأثير الاقتصادي الأوسع نطاقاً. ورداً على ذلك، أوصى تقرير التدقيق بأن تقوم الإدارات المعنية التي تتولّى الإدارة، مع الالتزام بمبدأ “الواقع، والودّ البيئي، والاستدامة”، بتقييم الطلب على المياه في مناطق محدّدة، وتعميق الدراسة الأولية للمشروع، والتعجيل ببناء مشاريع شبكة المياه الوطنية الكبرى.

II. حالة تدقيق في أنشطة بناء مشروع.

المسح الأوليّ والهندسة هما “جذر” الجودة والسلامة في مشاريع البناء، مما يؤثّر بشكل مباشر في جودة المشروع وكفاءته الاستثمارية وعمره الافتراضي. وفي إطار التدقيق في مشروع كبير لتحويل المياه، أجرى المدققون المسح الأولي للمشروع وركّزوا في التدقيق على الأخذ في الاعتبار الظروف الجيولوجية المعقّدة للمشروع. ومن خلال تحليل اتّساق استخدام المواد، وسجلّات قبول البناء، وبيانات المسح والهندسة، واستخدام الأساليب الفنية مثل الرادار المخترق للأرض والقياسات في الموقع، وجدوا أنَّ أعمال المسح التي قام بها متعاقد المشروع لم تكن كافية. نتيجةً لذلك، شهد المشروع حوادث متكررة وتأخيرات وخسائر اقتصادية كبيرة أثناء البناء. وأوصى المدققون الإدارات المعنية بتحسين نظام الإشراف على المسح والهندسة في مشاريع المياه الرئيسية، وتعزيز قدرة النظام على التكيّف، وتعزيز أمن إمدادات المياه.

III. حالة تدقيق في أعمال تشغيل وصيانة مشروع.

وجد المدققون أنَّ أداء بعض مشاريع تحويل المياه الرئيسية بعد اكتمالها كان رديئاً بسبب غياب آلية تسعير معقولة للمياه. وفي مثل هذا السياق، عندما كانت أسعار المياه مرتفعة، كان المستخدمون النهائيون ليواصلوا الإفراط في استخراج كميات محدودة من المياه الجوفية في المناطق المحلية بدلاً من شراء المياه من السوق. وعلى العكس من ذلك، إذا كانت الأسعار منخفضة، فلن تتمكّن مشاريع الحفاظ على المياه من العمل بفعالية لأنّها لم تولّد الدخل الكافي. إلى ذلك، افتقرت بعض المشاريع إلى نظم الإدارة المتقدّمة والآليات الإداريّة اللازمة لترشيد تخصيص المياه. ولمعالجة هذه المشكلات، أوصى المدققون بضرورة قيام الإدارات المعنية ببناء آليات تشغيل وصيانة معقولة أثناء تخطيط المشروع، وإنشاء آليات معقولة لتسعير المياه مصمّمة وفقاً للظروف المحلية، وضمان التشغيل المستدام للمشاريع.

Back To Top