الابتكار في تحسينات تقارير الرقابة المتزامنة للتدقيق الحكومي في مشاريع البنية التحتية العامة الكبرى

جسر ناناي، الأطول في بيرو، ويقع في مدينة إكيتوس ويسمح للناس بالعبور فوق نهر ناناي، وهو أطول جسر في بيرو. المصدر: أدوبي ستوك إيمجز، جينو تويستا

من إعداد: إليو كاناريو زيلادا، مشرف، مكتب المراقب العام لجمهورية بيرو

تنفّذ بعض الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة الرقابة المتزامنة، وهي عملية أنشأها مكتب المراقب العام لجمهورية بيرو، باعتبارها أداة قيّمة للرقابة على المشاريع الكبرى. مع ذلك، من المناسب تقديم عروض مبتكرة تهدف إلى تحسين عملية الرقابة المتزامنة لتحسين الوضعيّات السلبيّة التي يحدّدها المدققون الحكوميون. واستناداً إلى الدروس المستفادة حتى تاريخه، من المهمّ تحسين مستويات الفعاليّة والكفاءة في تدخّلاتها، بهدف تكرار تأثيرها على الضوابط من جانب أجهزة عليا أخرى قرّرت تنفيذ ضوابط مماثلة.

تعدُّ الرقابة المتزامنة للبرامج العامة واحدة من أفضل الممارسات الرقابة على تنفيذ مشاريع البنية التحتية العامة الكبرى، وهي فعّالة نظراً إلى استقلاليتها الوظيفية وطبيعتها المنهجية والمتعدّدة التخصّصات. ولا تعني عملية الرقابة المتزامنة التدخّل في عمليات الإدارة أو إدارة الجهة، ولا تحدّ من ممارسة خدمات الرقابة الحكومية الأخرى.

وعند التخطيط للتدقيق، يتعيّن على المدقق الحكومي دراسة الملف الفني للمشروع لفهم أي شكوك كامنة، وينبغي أن يبدّدها في زيارة للقاء المشرف على أعمال المشروع. ويجب أن تكون أول مرحلة رئيسية للتدقيق تحليل الملف الفني لاستبعاد تجاوز التكاليف، والعناصر المكرّرة، والتناقضات في المقاييس، وقبل كل شيء، لضمان درجة يقين من الدّعم الفني للعمل الذي سيتمّ تنفيذه. وستضمن هذه المراجعة أن يحقّق العمل الأهداف التي سيبُنى من أجلها.

وفي بناء الجسور والسكك الحديدية والمطارات، ينبغي على المدققين مراجعة الملف الفني للتحقّق ممّا إذا كان لديه الدعم الكافي. وضمن الملف الفني، يجب أن يضمن المدققون حصول المشاريع على جميع التصاريح في مسار السّفر والموقع الصّحيح للمكوّنات اللازمة للعمل، والتي يجب أن تتوافق مع ما تصرّح الدراسات المتخصّصة التي تدعم الملف الفني. ولا يكفي أن يراجع المدققون مدى امتثال البنود التعاقدية، إذ ينبغي عليهم ضمان احتواء هذه البنود على الحماية الكافية للمخاطر الرئيسية المرتبطة بإنشاء البنية التحتية.

وبعد تأكيد المدققين على وجود ملف فني معتمد، وعلى تسليم الأرض التي سيتمّ بناء الأعمال عليها لضمان التنفيذ الصحيح للمشروع، من الأهمية بمكان تحليل ما إذا كان العمل يحظى بالدعم الفني الكافي، وما إذا كان سيتوافق مع الأغراض التي تم بناؤه من أجلها.

في بيرو، ثمّة تجارب تستحق التفكير، مثل بناء مصفاة نفط عالية التقنية. وتتمتّع المصفاة بقدرة تشغيلية كبيرة الحجم، وتتطلّب استثماراً ضخماً. بيد أنَّ تخطيط المشروع لم يبرِّر جانب العرض من تكرير المواد الخام. وقد تفتقر بيرو إلى العدد المناسب من آبار النفط اللازمة لتلبية الطلب على استخدام قدرة المصفاة التي بُنيت من أجلها. وبدون تبرير الطلب على المواد الخام، لم تضمن كفاءة استخدام المصفاة نظراً إلى قدرتها الكبيرة.

فضلاً عن ذلك، وبسبب الافتقار إلى الدراسات الفنية المناسبة، لدى بيرو مشاريع بنية تحتية لمياه الشرب لا تُستخدم في نهاية المطاف لأنَّ المياه المستخرجة من باطن الأرض تلامس المعادن ولا تصلح للاستهلاك البشري. ويمكن ملاحظة هذا الواقع في المرحلة الأولية من الحفر. وفي هذه المرحلة، يمكن أن يوقف جهاز الرقابة العمل إذا سمحت الأنظمة بذلك، لأنّه لن يتوافق مع الأغراض التي بُني من أجلها. ولكن في بعض الحالات، يمكننا أن نرى بناء خزانات مرفوعة ومدّ شبكات بقيت خارج الخدمة، ممّا يؤدّي إلى مزيد من عدم الكفاءة والهدر للدولة.

وكمثال آخر، أنشأت بيرو جسوراً في مواقع رمليّة حيث تقوّض تيارات المياه أساساتها بسهولة، في حين توجد مواقع صخريّة أخرى قريبة تضمن الاستقرار والمتانة للجسور المبنيّة. وفي بيرو أيضاً مطارات بُنيت بجوار الهاوية، ولا يمكن تالياً توسيعها. ويحول هذا دون هبوط الطائرات الكبيرة الحجم، لاسيّما في سييرّا، في حين أنَّ هناك أماكن قريبة مع خصائص التضاريس التي هي أكثر ملاءمة لبنائها.

من بين العناصر الأخرى التي ينبغي أخذها في الاعتبار توقيت تدخّلات المدقق الحكومي. على سبيل المثال، من المهم أن يكون المدقق الحكومي حاضراً في عملية بناء الطرق أثناء ملء طبقة الأسفلت. وخلال هذه المرحلة، يتعيّن على المدقق التحقّق مما إذا كان يتوافق مع أحكام الملف الفني. غير أنَّ هذا يتطلّب أن يكون لدى المدقق الحكومي التقدير الكافي للحكم على الملف الفني، وتحليل ما إذا كانت سماكة الطّبقة ملائمة للظروف القائمة، اعتماداً على نوع الحركة التي سيخضع لها العمل بمجرد اكتماله. وبهذا المعنى، إذا كانت طبقة الأسفلت التي نفّذها المقاول لا تفي بالخصائص المتوقّعة في الملف الفني، ينبغي أن يشرع المدقق في تحديد الضّرر الاقتصادي، وإجراء التدقيق مع الإشارة إلى الضّرر وتحديد المسؤولين وعدم الانتظار حتى يتمّ الانتهاء من العمل. ومن خلال القيام بذلك، وفي حين لا يتمّ تنفيذ العمل بالكامل، يستطيع المتعاقد تصحيح ما أُنجِز بشكل خاطئ. ولا ينبغي أن يشكِّل تحديد الضّرر الناجم عقبة أمام التّنفيذ الفوري للتدقيق.

بهذا المعنى، نظّم الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في بيرو شكل إجراءات التدقيق ونطاقها من خلال تحديد المسائل قيد الفحص لضمان جودة التقارير ومحتواها. ومن الأهمية بمكان أن يدرس المدققون الخبراء المخاطر المرتبطة بكلّ نشاط عند مراجعة الملفات الفنية. ويحتاج الجهاز إلى خبراء محترفين، ليس لغرض التحقّق من الفئات الفرعية السبع التي حُدِّدت للمراجعة بشأن المسائل الجوهريّة فحسب، بل أيضاً حتى يتسنّى للمدققين الحكوميين تركيز عملهم على المخاطر الرئيسية المرتبطة بكل نشاط. ومع مراجعة الخبراء، ستكون الوضعيّات السلبية الواردة في التقارير الناتجة أكثر صلة وأهمية، وستوفّر تالياً موارد الدولة عندما تبرز الحاجة إلى تبرير توقف العمل الذي لن يلبّي الأهداف التي بُني من أجلها. ومن خلال عدم الانتظار إلى أن يتمّ سداد جميع المدفوعات وفقاً للعقد، فمن شأن هذا أن يحدّ من الضّرر الاقتصادي الذي يلحق بالدولة ويقلّصه.

وترتبط هذه الفئات الفرعية السبع بما يلي:

  1. العقوبات غير المنفّذة،
  2. الدفع للمقاييس التي لم يتمّ تنفيذها وفقاً للعقد، سواء جرى تنفيذها جزئياً أو لم يتم إثبات صحّتها،
  3. سندات الأداء غير المحتجزة،
  4. المصلحة القانونية التي يجب الاعتراف بها،
  5. الأعمال الإضافية التي لم يتم إثبات صحّتها،
  6. تمديد الفترات التي لم يتم إثبات صحّتها، وغيرها من الحالات التي تحتّم فيها الأنظمة الحالية تحليلها و
  7. فهمها في نطاق التدقيق.

لا تغطّي هذه الفئات الفرعية السّبع أهمّ المخاطر التي يبلّغ عنها العموم في تنفيذ الأعمال، خصوصاً إذا لم يتم تنفيذ العقوبات، وكان من الممكن حل مسألة الدفع للمقاييس غير المنفّذة، وفقاً للعقد، عبر وضع أنظمة للعقوبات لإجبار الجهة على تنفيذ العمل في غضون فترة زمنية معقولة.

وفي بيرو، على سبيل المثال، ما من عقوبة تُفرض على المسؤولين عن عدم تنفيذ عقد العمل. ومن المجدي للمدققين تحديد العقوبات على العمل الذي لم يتمّ تنفيذه، والتي ترجع عموماً إلى تمديد الموعد النهائي بسبب المتعاقد وعدم مشاركة الموظفين الرئيسيين في تنفيذ المشروع.

بالإضافة إلى ذلك، وتماشياً مع التطوّر التكنولوجي في عمل الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في بيرو والأجهزة في المنطقة، ثمّة تطبيقات للذكاء الاصطناعي في هذه العملية. ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتقييم ما إذا كانت هناك مواءمة عبر اتفاقية العقد، وما إذا كان المتعاقد قد قدّم ضمان العمل للمبلغ المحدّد، وما إذا كان هذا الضمان قد صدر عن جهة مختصّة تشرف عليها هيئة الإشراف على الخدمات المصرفية والتأمين. ومن شأن هذا أن يعجّل بإعلان التحقّق، ولا يتطلّب الانتظار حتى يتمّ اعتماد لجنة المراقبة لممارسة الرقابة المتزامنة.

من ناحية أخرى، وفي ما يتعلّق بالاعتراف بالمصالح، ومدفوعات العمل الإضافي وتمديد المدة، يمكن وضع أنظمة بحيث يتمّ إرسال هذه المعلومات إلى مكتب المراقب في غضون فترة زمنية يحدّدها المشرف على العمل، أو تنصّ على النّشر المتكامل لوثائق تنفيذ الأعمال على الموقع الإلكتروني للجهة، وتالياً الامتثال الفوري لتدخّلات الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة.

وإذا قام المدققون الحكوميون بتقييم دراسة الملف الفني على أنّها المرحلة الرئيسية الأولى في عملية الرقابة المتزامنة، مع الانتباه إلى المخاطر الأكثر شيوعاً، يمكن تنفيذ التدخّلات في الوقت المناسب وتحديد ما إذا كان الضّرر الاقتصادي قد لحق بالجهة على الفور. ومن شأن التدقيق في الرقابة المتزامنة أن يحسّن بشكل كبير الوضعيّات السلبية في تقارير الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، نظراً إلى ضرورة تكرار هذا النّهج لتحقيق معايير أفضل في التدقيق وتنفيذ الرقابة على مشاريع البنية التحتية الكبرى.

Back To Top